متى فرض الصيام على المسلمين

جدول المحتويات

متى فرض الصيام على المسلمين بعد أن بعث الله الرسول عليه الصلاة والسلام نبيا، وبعد إرساء القواعد الإسلامية توالت التشريعات الإسلامية، وشرع الصيام والزكاة والحج وصلاة العيد والجهاد، ويعد صوم رمضان من أركان الإسلام التي فرضت على المسلمين، ولكن متى فرض الصيام على المسلمين، وكم رمضان صام النبي عليه الصلاة والسلام.

الصوم في الإسلام

يعد صوم رمضان من الأركان الخمسة التي فرضت على المسلمين وهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والصلوات الخمس، وصيام رمضان، والزكاة، والحج، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).

والصوم في الإسلام هو اتباع منهج النبي في الإمساك عن الطعام و المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، ويعد صوم رمضان فرض أساسي على المسلم، وشهر رمضان فرض عين، أما صيام النذر أو القضاء أو الكفارة فهو واجب على من يجب عليه، كم أنذر أو أفطر في رمضان، أو صيام كفارة، وورد صوم رمضان في كتاب الله عز وجل، في قوله تعالى في سورة البقرة (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنََـٰتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَ ٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

شاهد أيضًا: هل تعلم لماذا يصوم المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة

متى فرض الصيام على المسلمين

فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان في شعبان في العام الثاني من الهجرة، أي تم فرضه في المدينة المنورة بعد هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام بعامين، ويوافق 624م، وكان فرض الصيام لشهر كامل، بعد أن كان الصيام في الجاهلية لأيام محددة كالعاشر من محرم، فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه).

كم رمضان صام الرسول

فرض الصيام في العام الثاني من الهجرة، وتوفي عليه الصلاة والسلام في العام الحادي عشر من الهجرة، أي أنه صام تسع سنوات، وقد قال الإمام النووي رحمه الله (صام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رمضان تسع سنين، لأنَّه فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة وتوفي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة).

شاهد أيضًا: فضل صيام الأيام البيض

مراحل فرض الصيام

من مبادئ الشريعة أنها تتدرج في الأحكام، ومراعاة ظروف وطبيعة البشر، وما جبلت عليه من المبادئ، ورفع الحرج وعدم وقوع أي ضرر، وقد كان الصيام على المراحل التالية:

المرحلة الأولى

كان العرب في الجاهلية يصومون العاشر من شهر محرم (يوم عاشوراء) وكانت هذه المرحلة الأولى من فرض الصيام، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يصومه قبل الهجرة إلى المدينة وبعدها، ولكن بعد فرض صيام رمضان خير المسلمين بين أن يفطروه أو يصوموه، فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ) وتم فرض صيام العاشر من محرم في العام الأول من الهجرة، ونسخ الفرض بفرض صوم رمضان في العام الثاني.

المرحلة الثانية

التخيير بين الفدية أو الصيام كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).

المرحلة الثالثة

كانت المرحلة الثالثة بفرض الصيام على كل مسلم بالغ عاقل دون التخيير، فقد قال الله تعالى( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وكان الصيام بعدم تناول المفطرات من وقت طلوع الفجر حتى الغروب.

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام عرفة بدون قضاء رمضان

أول من صام  في الإسلام

لقد قال السلف الصالح أن أول شخص صام في الإسلام هو النبي عليه الصلاة والسلام، واتبعه أصحابه الكرام، وكان هذا قبل فرض صيام رمضان، فكانوا يصومون يوم العاشر من محرم، وكذلك الأيام الثلاث من كل شهر، ولكن عند فرض رمضان كان الصيام بالتدريج كما ذكر سابقا عن مراحل الصيام، واقتدى الصحابة بالرسول عليه الصلاة والسلام.

شروط صيام رمضان

يجب على العبد أن تتوفر فيه ستة شروط حتى يجب عليه صيام رمضان، وهذه الشروط هي:

  • الإسلام، فلا يصح أن يصوم رمضان إلا مسلم.
  • البلوغ، فلا يجب على الصبي أن يصوم رمضان، فقد قال عليه الصلاة والسلام (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ المجنونِ المغلوبِ على عقلِهِ حتَّى يُفيقَ، وعنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ).
  • العقل، فلا يجب على المجنون الصيام حتى يفيق ويستوعب.
  • المقدرة على صيام رمضان، فقد قال الله تعالى في كتابه ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
  • المسافر، ولكن يجب عليه القضاء بعد رمضان.
  • المرأة الحائض والنفساء، لقول عليه الصلاة والسلام (أليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ) ويجب عليها القضاء.

شاهد أيضًا: هل ممارسة العادة تفسد الصيام للنساء

الحكمة من الصيام

لا يقوم الله عز وجل بتشريع أمر لحكمة، فالله لا يقضي على الناس أمرا إلا لسبب عظيم، ويكمن تشريع الصيام في النقاط التالية:

  • شكر الله عز وجل على النعم العظيمة التي أنعم على الإنسان بها، ويكون شكر الله بالامتناع عن النعم مرضاة لله عز وجل.
  • الابتعاد عن فعل المحرمات واجتنابها والبعد عنها، حيث تبتعد النفس الأمارة بالسوء عن فعلها، ابتغاء مرضاة الله تعالى، الصوم الابتعاد عن محارم الله.
  • التغلب على الشهوات، فعند شبع النفس تجوع للشهوات، وعند جوعها امتنعت عن الشهوات.
  • تذكر المساكين وأحوالهم السيئة وبالتالي مساعدتهم والعطف عليهم، والرحمة بهم.
  • تقوى الله في السر والعلن.
  • يقوي من عزيمة المؤمن، مقداما على فعل الخير ومساعدة للغير.

صيام الأقوام السابقة

كان صيام الأمم السابقة مختلفا حيث تختلف كالتالي

اليهود

كان اليوم يصومون يوم عاشوراء وهو اليوم الذي نجى الله عز وجل نبيه موسى من فرعون، وقامت اليهود بصيامه لأن موسى عليه الصلاة والسلام كان يصومه شكرا لله عز وجل، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يصومه، وأمر مخالفة اليهود فيه بأن يصام يوم قبله أو يوم بعده، وكان اليهود يصومون إلى ما بعد الغروب حتى تتشابك النجوم في السماء، وكان الصيام من دون سحور، فقد قال عليه الصلاة والسلام (فَصْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ).

النصارى

أمر الله عز وجل النصارى بصيام رمضان، وكان صيامهم يتحتم عدم تناول الطعام أو الشراب بعد النوم وعدم ملامسة النساء، وكان النصارى غير قادرين على صيامه لتقلبه مع فصول العام، فتارة يكون في الصيف وتارة في البرد، ولم يطيقوا صيامه في الحر، فجعلوا الصيام بين الصيف والشتاء، ومن ثم زودوا عليه عشرين يوما حتى يكفروا عن فعلتهم، وقال السيوطي(نّهم إنّما زادوا هذه العشرين يومًا لئلّا يخطئوا؛ فجعلوا عشرة أيّام قبل الشهر وعشرة بعده، ولكنّهم قد ضلّوا).

فضل الصيام

هناك العديد من الفضائل التي يمكن للمسلم أن يحصل عليها عند الصيام وهي:

  • لها أجر عظيم وفضل كبير عند الله عز وجل، ومع أن الأعمال الصالحة فيها مضاعفة الحسنات إلى عشرة أضعاف، ولكن الصيام نسبه الله إليه فقد قال الرسول عن ربه (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به).
  • دخول الجنة من باب الريان يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ).
  • حصول المؤمن على فرحتان واحدة في الدنيا والثانية في الآخرة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ).
  • طيب رائحة الفم للصائم، فقد قال عليه الصلاة والسلام (لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).
  • حصول الخير والرحمة في الشهر الكريم، والعتق من النيران، ورفعة في الدرجات، ومضاعفات الأجر.
  • شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).

شاهد أيضًا: بحث عن صوم رمضان وما هي شروط وسنن وأركان الصيام

وفي النهاية وبعد التعرف على متى فرض الصيام على المسلمين والذي كان في شهر شعبان في العام الثاني من الهجرة، حيث صام الرسول عليه الصلاة والسلام تسع سنوات من رمضان، وشهر رمضان فرض على كل مسلم بالغ عاقل، ومن لم يستطع الصيام إما لمانع أو مرض أو سفر يجب عليه أن يقوم بالقضاء قبل قدوم رمضان الذي بعده.