مسرحية “ميري كريم” كوميديا لبنانية بإطار رومنسي في دبي

إنّ المسرح “ثورة سلمية”، ينتفض الممثلون على خشبته ضدّ مفاهيم ينقلها الكاتب والمخرج من خلال النص والتصميم. إنه حال مسرحية “ميري كريم Merry Cream للكاتب والممثل وليد عرقجي وإخراج لينا أبيض. لكنها في الواقع “طبخة لنا جميعاً كممثلين”، كما يقول وليد في لقاء مع لها. لمى لاوند، ميا علاّوي، وليد عرقجي، دوري السمراني وجينيفر يمّين، يجسّدون موضوع العنصرية ضمن إطار قصة حب، تعكس أيضاً علاقة الحبيبين عند اختلاف العِرق، علاقة الشاب بوالدته، والكذب.

فهل ينتصر الحب على اختلاف لون البشرة؟ نهاية غير متوقّعة للقصة الرومنسية، كما تقول لينا. سنكتشف ذلك على أحد مسارح دبي، خلال عرضها في 30 و31 أيار (مايو) 2024، بعد نجاح العروض في لبنان.

وليد عرقجي: ميا مصدر الإلهام

رست المسرحية على اسم “ميري كريم”، كتجسيد للونين الأبيض والأسمر، كدليل علي العنصرية تجاه لون البشرة. كانت قصة ميا علاّوي الحقيقية – من أمّ سريلانكية وأب لبناني – هي مصدر الإلهام، و”قرّرت أكتب قصة حب بين شخص لبناني وحبيبته لبنانية سريلانكية”، في إطار اعتراض الأم لهذه العلاقة، وخوف الإبن من مواجهة أمه رغم حبه الكبير لحبيبته.

على الرغم من غربته وإقامته خارج لبنان، إلاّ أنّ وليد عرقجي مؤمن بالمسرح اللبناني، خاصة “عندما أرى فرحة الجمهور، والأعمال الجميلة”. هذا ويمنحه المسرح فرصة التفاعل مع الجمهور والشعور بانفعالاته “وحتى كيف تتعمّر المسرحية والممثلين يمضون وقت سوا مع المخرجة.. يصبح هناك شعور عيلة”.

لينا أبيض: المسرح يكسر كل الحواجز

و”المسرح فرصة للتوعية حول قضايا مهمّة كالعنصرية، موضوع المسرحية”، كما تقول المخرجة لينا أبيض. و”الناس بتصير أكثر نضج.. لأنو لما بتحكي بالمسرح، بتحكي بطريقة علنية عن قصة، ممكن الناس تخجل تحكي عنها او تخاف”. هذا مع الحفاظ على هدف المسرح الفني والجمالية والتمثيل الجيد، والديكور..

وكان هذا هو التحدّي في “ميري كريم”، كون موضوع العنصرية هو جدّي، لكن تمّ طرحه بطريقة فكاهية وذكية. والأهمّ كان تسليط الضوء على عدم وعي الأم أنها عنصرية، وأهمية تحمّل الشاب لمسؤولية حبّه للفتاة و”ما يمشوا بمسار أهلهم، إذا كان خاطئ”.

لمى لاوند: هذا ما يجمعني بشخصية رلى

صحيح أنّ رلى متري، التي تلعب دورها الإعلامية والممثلة لمي لاوند، هي عنصرية ومتعصّبة وتتحكّم بقرار ابنها، “لكن لا نتحدّث عن الدين، بل تشعرون بالإيمان.. وأنا بحياتي عندي إيمان قوي، بس ما عندي تعصب للديانات الأخرى”. ولم تشعر لمى بالخوف من أداء الدور لأنّ الشخصية تبدأ معها في البيت وتنتهي عند آخر يوم تصوير.

وعمّا يجمع لمى بالشخصية، فهو حبّها للحياة، “وما بحب تكون نفسيتي ختيارة.. أعتبر حالي صغيرة ما دامت روحي صغيرة”. بالإضافة “إنو دايما بدها تحقق لأولادها الحلم انو تشوفن أحسن شي بنظرها”، دون التدخّل بقراراتهم.

ميا علاّوي: نور تشبهني 80%

الممثلة ميا علاّوي تشبه شخصيتها نور بنسبة ٨٠٪، من حيث جنسية الأم (سريلانكية) والأب (لبناني) والعنصرية التي تعرّضت لها بكافة أشكالها وفي كل الأمكنة. لكن هنا، فالحبيبة نور محامية من عائلة غنية وتعمل من أجل قضايا إنسانية. و”صنعنا هذه الشخصية المرتاحة مالياً والمثقفة جدا.. لنبرهن أنه على الرغم من ذلك، فوالدة حبيبها لم تتقبّل لون بشرتها السمراء”. وهنا المفاجأة في تطوّر الأحداث.

من خلال الإطار الكوميدي، تعتبر ميا بأنّ الرسالة وصلت أسرع من الحديث العلني عن العنصرية، “لأنّ العالم لا تريد أن تسمع.. فكان المسرح هو البديل”. وتشدّد ميا على وجود فئات مهمّشة بالمجتمع، وما من قانون يحميها، ومن الممكن للشخص أن يخفي دينه لكن لا يمكنه إخفاء بشرته، “وما بيقدر يطلع من حالو ليعجب الآخر.. فإجباري العالم تتقبلوا متل ما هو”.

دوري السمراني: الرسالة أعمق عبر المسرح

إنّ الرسالة تصل بشكل أعمق عبر المسرح، كما يؤكّد دوري السمراني الذي يلعب دور نيقولا حبيب ميا، الذي يتفاجأ بقدوم والدته رلى من دون سابق انذار، إلى العشاء الذي يجمعه مع حبيبته والأصدقاء. لتبدأ هنا الأحداث التي تجمع بين الضحك والضياع بالشخصيات والكذب، و”كأنّ الأم هي الشخص غير المناسب، الذي يظهر في الوقت غير المناسب”، كما يقول دوري.

فما الذي دفعه للعب هذا الدور؟ لأنّني سبق وعملت على مسرحية وليد السابقة، كما أنّ المسرحية تتحدّث عن عدة قصص منها العنصرية وعلاقة الحب وعلاقة الرجل مع والدته وأصدقائه. “أنا بحب لما اطلع ع خشبة المسرح، ولما يكون في رسالة لإيصالها..”. كما أنّ المسرح يعزّز التفاعل مع الجمهور، وقدرة التمثيل والمنطق، بالفعل “المسرح دنيا ثانية، وحياة ثانية”.

جنيفر يمّين: تكامل العمل لإيصال الرسالة

وعلى الرغم من تجربتها الأولى على خشبة المسرح، تؤكّد الممثلة جينيفر يمّين أنّ “المسرح وسيلة تخاطب المجتمع، من خلال طرح عناوين حسّاسة بطريقة فنية وذكية”.

وكان وجود لينا أبيض كمخرجة للعمل الدافع الأول التي دفعها للعب هذا الدور، بالإضافة إلى الرسالة التي أراد الكاتب ايصالها في ما يخصّ موضوع العنصرية بكافّة أنواعها الطبقية والدينية والعِرقية. وترى بأنّ هذا التكامل بين السيناريو والإخراج والأداء التمثيلي هو ما يساهم بإيصال الرسالة.

يذكر أنّ جينيفر تلعب دور تانيا، حبيبة وليد عرقجي، التي تنجرّ بكذبة نيقولا على أنها حبيبته.