| حكايات من قلب حقول البصل أثناء الحصاد.. سيدات يتغلبن على قسوة العمل بالضحك

مع نسمات الصباح الأولى، يخرجن إلى الحقل قبل شروق الشمس، وبصحبتهن أدوات تقليم البصل وتنظيفه من التربة، لتعبئته في أجولة حتى يكون جاهزاً لنقله وتوزيعه على التجار، مهمة يومية تقوم بها عدد من سيدات المحلة الكبرى للمشاركة في حصاد محصول البصل، لتوفير قوت أطفالهن ومساعدة أزواجهن لعيش حياة كريمة.

إحدى العاملات في جمع البصل: الموضوع صعب مع الشمس 

في الرابعة فجراً، تستيقظ علا غانم، إحدى السيدات العاملات في جمع البصل، تجهز ملابسها المخصّصة للحصاد، وأدواتها التي تساعدها على تقشير المحصول، كما تحضر وجبة الإفطار، لتناولها مع زميلاتها في الحقل: «بقالي 10 سنين على الحال ده باصحى من الفجر، وبانزل أشتغل طول موسم البصل».

رحلة شاقة قضتها صاحبة الـ36 عاماً داخل الحقول للبحث عن قوت يومها، ومساعدة أهلها ومن بعدهم زوجها، والتغلب على ظروف الحياة الصعبة، وتعليم صغارها الثلاثة: «الموضوع صعب أوي، خاصة لما الشمس بتطلع علينا وإحنا في الأرض شغالين، وماينفعش نقعد».

فترات جمع محصول البصل 

تقول «علا» إن عملها في جمع محصول البصل يتم على فترتين، الأولى تبدأ في الخامسة فجراً وتستمر حتى العاشرة صباحاً، والثانية من الثالثة عصراً وحتى أذان المغرب: «لو جيت الصبح باخد 80 جنيه، ولو آخر النهار باخد 40 جنيه، والشغل كتير وفلوسه قليلة مابتكفيش حاجة، بس لازم نشتغل».

اعتادت «علا» جمع البصل منذ صغرها، وباتت تفهم طبيعته وتحفظ خطواته منذ أن كان مجرد بذرة في الأرض، وحتى تحوله لثمار وحصاده: «بنشيل عرش البصل ونقرمه ونعبيه في شكاير، الكبير لوحده والصغير لوحده والمتوسط لوحده والبايظ بنولع فيه».

تأنس «علا» بوجود زميلاتها معها، يتسامرن تارة ويعملن بجد تارة أخرى، ويتخلل ذلك بعض الضحكات والآهات من التعب وصعوبة المهمة: «كله علشان أساعد جوزى في الدخل، ونعلم أولادنا كويس، ونوفر لهم عيشة أحسن مننا، لأننا شقينا أوي»، تنتظر موسم حصاد البصل كل عام دوناً عن غيره من المحاصيل الأخرى لاعتيادها القيام بتلك المهمة: «ممكن نفضل شغالين لآخر السنة، وممكن نقعد شهرين بس، حسب التصدير والمحصول».

يتواجد هاني علوان، تاجر بصل، في الحقل مع السيدات منذ الصباح، لنقل الأجولة المعبّئة إلى الجمعية، وتوريدها بعد ذلك، سواء على المتاجر الكبرى أو تصديرها للخارج: «أنا لسه تاجر صغير على أدي، وبانزل أنقل المحصول بعد ما يعبوه في شكاير للمحطة، علشان بيسافر أوروبا، وبنستلم اللي الستات بيخلصوه أول بأول».

يحكي «هانى» أن السيدات يتميزن بمهارتهن في جمع محصول البصل، حيث يوجدن عقب أذان الفجر، ويبدأن في تعبئته: «كل يوم بيكون فيه 3 أو 4 سيدات من أهالي القرى المجاورة والفلاحين بيشتكوا من تراجع سعر كيلو البصل في الحقل، واللي بيوصل لجنيه ونص، وهما مابيقدروش يجمعوا تكلفة اللي صرفوه طوال الموسم».