فهد بن حثلين… عرّاب «ثقافة الإبل»

ارتبطت «ثقافة الإبل» خلال تاريخ البشرية بالبداوة والصحراء. ولذا بقيت هذه الثقافة متداولة في نطاق ضيق، رغم ثرائها الجَمالي والمعرفي والاقتصادي. ضرب بها القرآن الكريم مثلاً وتفاخر بها الشعراء وتراكض بها الفرسان، وبكاها أصحابها وبكت عليهم عند فراق أحدهما الآخر.

والآن، وقد تضاءلت الفروقات وتهاوت الحواجز بين البداوة والحضارة، ولم تعد الصحراء وأهلها ذلك العالم المجهول والمعزول عن المدينة وأهلها، هل ستبقى «ثقافة الإبل» محدودة الانتشار كما كانت خلال قرون؟

لم تبدأ علاقة الشيخ فهد بن فلاح بن حثلين مع الإبل منذ العام ٢٠١٧ حين أصبح رئيساً لمجلس إدارة «نادي الإبل»، ولا في العام ٢٠١٩ حين قام بتأسيس «المنظمة الدولية للإبل» ورئاستها حتى اليوم، ولا حين قام ببناء اتفاقيات ومراكز بحثية ومعيارية تختص بشؤون الإبل في العالم. بل بدأت منذ ٢٠٠ سنة بوصفه حفيد الفارس العربي الشهير راكان بن حثلين، ووريث علاقته بالصحراء والإبل والخيل والفروسية. تغلغل حب الإبل في وجدان فهد بن حثلين، أباً عن جد، وأدرك ما تعنيه الإبل، ليس للعربي فحسب، بل للإنسان في شرق الأرض وغربها.

من هذا المنطلق الواسع الرؤية، لم يتوقف حراك فهد بن حثلين في نطاق عمل «نادي الإبل» الذي يستهدف بشكل أساس تعزيز الثقافة المحلية والإقليمية عن الإبل، في مجالات السباق والمزايين وصنوف التنافس، بل انطلق إلى آفاق أوسع عبر تأسيسه «المنظمة الدولية للإبل» التي تستهدف الغوص في بحور وعوالم الإبل، في الجوانب العلمية والاقتصادية والثقافية للشعوب المهتمة بالإبل في أرجاء الأرض. ولذا فلم يكن من المفاجئ أن يتصاعد عدد الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى ١٠٥ دول خلال مدة وجيزة من التأسيس، إذ التعطش إلى وجود مظلة يصطف تحتها المهتمون بشؤون الإبل، والذين هم في تزايد يوماً بعد آخر.

بذل فهد بن حثلين من وقته وماله وجهده لهذه المنظمة الدولية كي تأخذ مكانتها بين المنظمات الرصيفة، ولتنهض بزمام البحوث والتطوير والتقنين لكل ما يختص شؤون الإبل وطرق توسيع الانتفاع بها بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة للبشرية.

وقد جاء قرار الأمم المتحدة بجعل العام ٢٠٢٤ هو «السنة الدولية للإبليات» ليؤكد صواب الالتفات نحو تنضيد شؤون الإبل وتقنينها لتأخذ أبعاداً دولية واسعة. وكذلك بناء استراتيجية مستقرة لتطوير قطاع الإبل وتحفيز اقتصادياته وصناعاته.

وقد ظل بن حثلين يؤكد في كل محفل وعلى كل منبر أنه ما كان لينجح في تحقيق هذه الجهود لولا الدعم الدائم والوافر له من لدن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المؤسس والمشرف العام على «نادي الإبل»، الذي يدعم ويتابع كل خطوة نحو تطوير ثقافة الإبل والارتقاء بشؤونها إلى مصاف الاهتمام العالمي.