أهمية النوم وآليته | Laha Magazine

يؤثّر النوم، سواء كان جيداً أم سيئاً، في مختلف جوانب صحتنا الذهنية والجسدية من دون استثناء. وبالتالي، فإن النوم الجيد مفيد لتحسين نشاطاتنا إذ يساعد على تقوية الذاكرة وزيادة صفاء الذهن، فضلاً عن تحسين أداء الوظائف الجسدية وضمان الاستقرار النفسي. لكن عندما لا نحصل على قدرٍ كافٍ من النوم، يُقلل جسمنا إفراز هورمون اللبتين الذي يساعد على كبح الشهية ويدفع الجسم إلى استهلاك الطاقة، الأمر الذي يؤثر سلباً في الوزن. ويعتقد الباحثون أن قلّة النوم تؤدي إلى اختلال التوازن الهورموني لأجسامنا، وتفضي إلى فقدان التحكّم بالشهية والوظائف الاستقلابية.

وفي هذا الإطار، يشير الدكتور مايكل بروس، الاختصاصي في علم النفس السريري والحائز ترخيص الجمعية الأميركية لطبّ النوم، إلى أن جودة النوم تؤثّر في صحّة الجسم وعمل أجهزته المختلفة.

بالفعل، هناك صلة وثيقة بين قلّة النوم والإصابة بمرض السكري، إذ ينتشر مرض السكري من النوع الثاني بصورة أكبر لدى المرضى الذين يعانون الحرمان من النوم. ويؤدي عدم الحصول على كمية كافية من النوم إلى مضاعفة احتمالية إصابة البالغين الأكبر سنّاً بمرض السكري من النوع الثاني. فنظراً إلى مساعدة النوم في تنظيم مستويات الغلوكوز في الجسم، تقود قلّة النوم إلى ارتفاع حاد في هورمون الكورتيزول الذي يزيد مقاومة الخلايا للأنسولين.

وكما هي الحال بالنسبة إلى مختلف أعضاء الجسم، يحتاج القلب إلى كمية كافية من النوم لأداء وظائفه بالشكل الأمثل، حيث أشار عدد من الدراسات إلى أن قلّة النوم تساهم في تطور العوامل المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب. وفي العام الماضي، بيّنت دراسة شملت أربعة آلاف شخص يتمتعون بصحة جيدة، أن المشاركين، على اختلاف أعمارهم وأوزانهم وحالتهم البدنية، ممن حصلوا على أقل قسط من النوم، سجّلوا أكبر معدل لتراكم اللويحات في الشرايين. وتُعدّ هذه المشكلة علامةً مبكرةً على الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تزيد من مخاطر الإصابة باحتشاء العضلة القلبية.

بالإضافة إلى ذلك، تؤثّر جودة النوم في وظائف الجهاز المناعي، حيث تقود قلّة النوم إلى انخفاض إنتاج بروتين السيتوكين الذي يساعد في استجابة الجهاز المناعي للعوامل الخارجية. وبالتالي يؤدي الحرمان من النوم إلى عدم قدرة الجسم على الاستجابة بالسرعة المطلوبة للمشكلات التي قد يواجهها.

ترتبط وظائف الذاكرة مباشرةً بعادات النوم لدينا، وتحتاج أدمغتنا إلى بعض الوقت لتخزين المعلومات الجديدة، وهي عملية تُعرف باسم “تعزيز الذاكرة”، يتم خلالها نقل المعارف التي اكتسبناها من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد. وأثبتت الأبحاث أهمية النوم في دعم هذه العملية، حيث بيّنت أن قلّة النوم تقود إلى انخفاض قدرتنا على تخزين المعلومات بنسبة 40%؛ كما أظهرت المسوحات الدماغية أن المُخيخ، وهو الجزء المسؤول عن الذاكرة المؤقتة، يُبدي نشاطاً أكبر عند النوم، لذا فإن الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ليلاً يمنحنا وقتاً إضافياً لترسيخ معارفنا الجديدة.

ولا تقتصر فوائد النوم على تحسين الذاكرة، بل تساهم أيضاً في تعزيز القدرة على التركيز. وتعوق قلّة النوم قدرة مليارات الخلايا العصبية، التي تشكل دماغنا، على العمل لمساعدتنا على اتخاذ القرارات ومعالجة المعلومات والتركيز. وتأكيداً على هذه النقطة، تَبيّن أن مرحلة حركة العين السريعة خلال النوم (REM) تمثل عاملاً رئيسياً بالنسبة الى الوظائف الإبداعية، حيث يبدأ خلالها التفكير التجريدي نتيجة وصول كميات كبيرة من الناقل العصبي أستيل كولين إلى الدماغ.

والنوم عبارة عن نشاط يتطلب إتقان مجموعة من المهارات وتوفير المعدّات اللازمة، فمثلما تساعدنا المعدّات والتدريبات عالية الجودة على تحقيق أداءٍ أفضل في الجري، تمكّننا الأدوات الصحيحة من ضمان حصولنا على نوم أفضل. ويُعد الفراش الأولوية الأهم بالنسبة الى الجميع إذا أرادوا تحقيق هذا الهدف.

ثمة عاملان رئيسيان يجب أخذهما في الاعتبار عند شراء سرير جديد، وهما الراحة والقدرة على دعم الجسم. فمن الضروري أن يزوّد السرير الجسم بالدعم اللازم للمحافظة على استقامة العمود الفقري وتمكين العضلات من الاسترخاء خلال النوم، مع توفير مستويات الراحة المطلوبة في الوقت ذاته. ويمثّل الإحساس بالألم وتصلّب العضلات عند الاستيقاظ إشارة واضحة على عدم كفاية الدعم الذي يُقدّمه السرير، سواء كان يعطي إحساساً بالراحة أو لا.