اضراب موظفي الاونروا والسلطة..من يدفع الثمن؟

المخيمات الفلسطينية تغرق في قمامتها ويهدد فقدان العام الدراسي مصير مئات الاف الطلاب الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بسبب اضراب موظفي الاونروا والمعلمين وقطاعات أخرى حكومية.

اضطراب الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين المستفيدين من خدمات الاونروا والحكومة في الوقت الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية الى اكبر تهديد منذ قيامها وتتعرض فيه أيضا قضية اللاجئين لأخطار عديدة وسط مطالبات من العديد من اللوبيات الصهيونية والدولية بتصفيتها, تجعل من كل مراقب للحدث يدرك قطعيا بان الفلسطينيين قرروا  اطلاق النار على رؤوسهم دون رحمة رغم كل النوايا الطيبة والمشروعة التي تغلف أعمالهم وتصرفاتهم.

ومن الواضح ان لا احد يريد ان يسمع ولا احد يريد ان يتفهم طبيعة ما يحدث حولنا وان استمرار الإضرابات تؤكد بصورة حاسمة بان الناس والجمهور والمستقبل ليسوا أولوية لدى المضربين وأن معاناة مئات الالاف في مخيمات اللاجئين وغيرها هي استحقاق فلسطيني طبيعي وجزء من روتين الحياة اليومي ولا مانع من أن تأتي من العدو او الصديق او حتى الابن والاخ.

نصيحة للإخوة المعلمين في القطاع الحكومي بان يتحركوا باتجاه حلول وسط وضمانات طويلة الأمد لحقوقهم مراعين بذلك الأوضاع المالية التي تمر بها السلطة ومراعين أيضا للمبادرات التي اعلن عنها والا يقفوا في وجه زخم شعبي يطالبهم بوقف الاضراب وعدم إضاعة عام دراسي كامل على مئات الاف الطلاب.

في حالة “الاونروا” الأمور تبدو اكثر صعوبة على متخذي القرار للتجاوب مع مطالب الموظفين المضربين بالضفة فهذه المنظمة العجوز تعيش أسوأ لحظاتها منذ انشائها حتى الان ولا تملك أي موارد وهي ليست دولة او شيه دولة وتتعرض لمحاولة حقيقية لإفراغ مضمون تفويضها عبر ضغوط مالية غير مسبوقة وانصراف العالم عن الشأن الفلسطيني فيما تقف اداراتها بعناد أمام كل محاولات تركيع المنظمة ويجعلها كمؤسسة تدفع ثمنا كبيرا لإصرارها على التمسك بتفويضها الممنوح من الجمعية العامة للأمم المتحدة .

يقول المتحدثون باسم الاونروا بأن أكثر من 85% من ميزانية الوكالة تذهب كأجور ورواتب للموظفين وما نسبته 15 % فقط للخدمات فيما سيتجاوز العجز المالي مبلغ الـ 200 مليون دولار هذا العام وسيكون هناك تهديد حقيقي لاستمرار الخدمات ودفع الرواتب خلال الأشهر القادمة.

ويبدو أن الحل الحقيقي لزيادة رواتب موظفي الأونروا يكمن في تقليص الخدمات المقدمة للاجئين مقابل زيادة الرواتب واشك في ان أحدا من موظفي الاونروا لديه الجرأة للإفصاح عن ذلك او ابداء أي رغبة في تنفيذ هذه السيناريو المجنون والذي يعني وضع الموظفين في خانة العداء للاجئين وهذا ما لا يرضاه بالتأكيد موظفي الاونروا المضربين.

ما كان يجب لموظفي الاونروا بالضفة الوصول الى أخر أدوات النضال النقابي وهو الاضراب الشامل رغم كل مبررات غلاء المعيشة والاسعار لان من سيدفع الثمن هم اللاجئين واطفالهم ومرضاهم وكان الاجدر بهم التدرج في خطواتهم ومراعاة التطورات المالية للأونروا المرتبطة بالتحولات والتغيرات الإقليمية والدولية والتي جعلت من مهنة مفوضها لازاريني اشبه بالمستحيلة في ظل تحديات خطيرة وغير مسبوقة.

هل يدرك الفلسطينيون بانهم في حالة حرب ام انهم في حالة استرخاء وترف مجنون لكي يضحوا بالعملية التعليمية برمتها مخالفين بذلك كل النظم والاعراف التي ميزت سلوك الشعوب في أوقات الازمات والطوارئ؟.

هل يعلم الفلسطينيون بأن اليابان وبعد القاء قنبلتي هيروشيما وناجازكي ورغم انخراط مئات الاف الطلاب في المجهود الحربي وتحويل بعض المدارس الى مصانع حربية أصرت على استمرار عملية التعليمية والحفاظ على جودة التعليم ، حيث تم إنشاء بعض المدارس الخاصة التي تعمل على تحسين جودة التعليم وتقديم التعليم الثانوي والعالي للطلاب الذين لا يمكنهم الالتحاق بالمدارس العامة بسبب الحرب؟.

وفي المقابل هناك نموذج صارخ خطير يشكل عارا على التاريخ الفلسطيني ويجعلنا نطأطئ رؤوسنا خجلا وهو منظر لشاحنات تلقي “بالزبالة” داخل احدى المدارس بالضفة في تطور مجنون يستوجب تدخل مباشر من السلطة الفلسطينية بالضفة لمنع تكرار الصورة “العار” التي يتم تداولها دولية ومحاسبة من قاموا بذلك دون تردد.

ونصيحة مرة أخرى للمضربين من الموظفين بالأونروا بان الوقت لا يلعب لصالحكم وبإمكانكم اتخاذ إجراءات نقابية أخرى دون الاضرار بمليون لاجئ فلسطيني بالضفة وتعطيل عياداتهم ومدارسهم وحياتهم فيما تتصاعد الأوضاع بصورة مخيفة بالضفة الغربية وبالذات داخل مخيمات اللاجئين.

ورغم إدراك الجميع لطبيعة الازمة المالية للأونروا ومخاطرها وارتداداتها السياسية والمجتمعية فان المطلوب من الوكالة وادارتها أيضا التحرك باتجاه جموع موظفيها بحلول ولو طويلة الأمد لضمان حقوقهم حيث يشكلون راس الحربة في تقديم الخدمات واستمرار مسيرة التحولات الإيجابية في مستقبل اللاجئين الفلسطينيين.

باحث في شئون اللاجئين