بكين تتصيد بايدن في غزة

اشتدت بالآونة الأخيرة المنافسة بين الصين والولايات المتحدة، وأصبحت تدور رحاها في المزيد من مناطق العالم وعبر ساحات متعددة، بما في ذلك المعارك الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، خلال الصراع بين إسرائيل وغزة، بتغريدة مدفوعة إلى حد كبير بالشماتة – الولايات المتحدة، تحت الضغط لرفضها المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، في حين تنتقد الأمم المتحدة الصين بسبب معاملتها للمسلمين في شينجيانغ.

فالولايات المتحدة تزعم بأنها تهتم بحقوق الإنسان للمسلمين، لكنها تغض الطرف عن معاناة المسلمين الفلسطينيين، ومع ذلك، فإن ترويج الصين المستمر لهذه الرواية – أن واشنطن غير مبالية بمعاناة المدنيين في غزة، ومهملة في واجباتها كقوة عالمية – يمثل أكثر من حقد أو دفاعية.

حالة توتر

أصبح نهج الصين الحذر على نحو متزايد، في حالة توتر مع ركيزة أخرى من استراتيجيتها في الشرق الأوسط وهي: العمل على تقويض نفوذ الولايات المتحدة ومكانتها في المنطقة، كما تفعل في أماكن أخرى بينما تتدهور علاقاتها مع واشنطن. وهذا التوتر، الذي عادة ما يكون على نار هادئة، قد تفاقم وسط الصراع الحالي في غزة.

وفي تناقض صارخ مع تغطيتها الخفيفة للحرب الأخيرة، بين إسرائيل وغزة في عام 2014، نشرت وسائل الإعلام الصينية التي تديرها الدولة، العديد من المقالات تتهم واشنطن بتجاهل الحقوق الفلسطينية وتحمل اللوم عن معاناة المدنيين.

فمثلًا، نشرت صحيفة جلوبال تايمز افتتاحية الولايات المتحدة «لم تؤجج نيران الصراع فحسب، بل أظهرت أيضًا للعالم مدى أنانيتها ونفاقها فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان وتحمل مسؤولياتها كقوة عظمى». و أشارت محطة تليفزيون CGTN الصينية الحكومية إلى أن السياسة الأمريكية، كانت تحت سيطرة «لوبي يهودي»، مما أثار رد فعل غاضب من السفارة الإسرائيلية في بكين. ويتم تضخيم هذه الموضوعات من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية والحكومية في الصين، والتي تخصص وقتها ليس لشرح السياسة الصينية – الطريقة النموذجية للعمل بالنسبة للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى – ولكن في كثير من الأحيان لمخاطبة الولايات المتحدة. وهناك تغريدة لـ زهاو ليجيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تجسد النهج: إنها تظهر نسرًا أصلع يمثل الولايات المتحدة، وهو يسقط صاروخًا على غزة مع تسمية توضيحية تقول «انظر ما جلبه المدافع لـ #حقوق الإنسان إلى # أبناء غزة».

المرتبة الرابعة

ووفقًا لتحالف هاميلتون 2.0 التابع للتحالف من أجل تأمين الديمقراطية، والذي يتتبع وسائل التواصل الاجتماعي الروسية والصينية والإيرانية، احتلت كلمة «فلسطين» المرتبة الرابعة الأكثر شيوعًا، ووسم لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الحكومية الصينية الأسبوع الماضي، بعد «COVID-19» مباشرة.

لا تقتصر وسائل الإعلام الصينية التي تركز على الشرق الأوسط، انتقاداتها على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة. في العام الماضي، على سبيل المثال، أنتج التليفزيون الحكومي الصيني مقطع فيديو باللغة العربية، يزعم أن فيروس COVID-19 نشأ في الولايات المتحدة. ولا تتصرف بكين بمفردها: غالبًا ما تدفع وسائل الإعلام الصينية والروسية والإيرانية نفس الموضوعات، أو حتى تعيد التغريد أو تكرر رسائل بعضها البعض.

نهج محافظ

تبنت بكين نهجا محافظا ومهدئا تقريبًا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومرت بإجراءات إصدار وإعادة بشكل متكرر لـ«خطة سلام» من أربع نقاط، والتي تتبع إلى حد كبير الإجماع الدولي بشأن الصراع.

وهو يدعو إلى حل الدولتين على أساس خطوط عام 1967، بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وإنهاء العنف والمستوطنات الإسرائيلية، من بين أمور أخرى.

وهذا نهج يبدو أنه مصمم ليس للنجاح بل لتجنب الإساءة، وهو ما يتوافق تمامًا مع نهج بكين تجاه الانقسامات الإقليمية الأخرى، فهو يسعى إلى تحقيق التوازن في العلاقات مع كل جانب من أي صراع معين، وتجنب الخطوات الدبلوماسية الجريئة أو الحزبية بشكل مفرط. حتى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي أطلقتها الصين مع إيران، والتي حظيت بقبول كبير، سبقتها اتفاقيات مماثلة مع المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة وغيرهما. يعكس هذا التوازن ركيزة أساسية من ركائز استراتيجية الصين في الشرق الأوسط.

دور محدود

وعلى الرغم من أن بكين نشطة في انتقادها للولايات المتحدة، إلا أنها لا تحرص على الترويج لنفسها، ولا تقترح وسائل الإعلام الصينية، على الرغم من أن وسائل الإعلام الحكومية تروج للصين، باعتبارها وسيطًا أكثر حيادية وإنصافًا من واشنطن، إلا أن Global Times قللت من التوقعات بشأن الأعباء التي تستعد بكين لتحملها، نقلاً عن أحد العلماء الذي شدد على أن «دور الصين في المساعدة في حل الأعمال العدائية محدود» ستعتمد النتيجة على الأطراف أنفسهم. وقد تهدف بكين إلى الإطاحة بالولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكنها ليست بالضرورة حريصة على تحمل الأعباء التي تحملتها واشنطن.

الصين:

– تنتقد الولايات المتحدة، لرفضها المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

– تبنت نهجا محافظا ومهدئا تقريبًا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

– نشرت العديد من المقالات تتهم واشنطن بتجاهل الحقوق الفلسطينية، وتحمل اللوم عن معاناة المدنيين.

– تهدف إلى الإطاحة بالولايات المتحدة في الشرق الأوسط.