تعاون بين «كاوست» والمركز الوطني للأرصاد لتحسين «آلية التنبؤ» في السعودية

يقدم المركز الوطني للأرصاد، الذي كان جزءًا من الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة، خدمات عالية المستوى في التنبؤات الجوية لتعزيز سلامة ورخاء المجتمع واستدامة البيئة والأمن القومي، وتقديم أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال من خلال التعاون مع القطاعات الخاصة ومراكز الأبحاث الوطنية والعالمية والجهات المعنية و من بينها المختبر الأساسي للحوسبة الفائقة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) الذي دخل معه المركز في شراكات متميزة منذ عام 2016.

وشملت أوجه التعاون بين علماء المختبر الأساسي للحوسبة الفائقة في كاوست والمركز الوطني للأرصاد تقديم التوجيه والاستشارات المتخصصة حول ترقية مرفق الحوسبة الفائقة بالمركز، وتخزين البيانات وعمل النسخ الاحتياطي في مختبر الحوسبة في كاوست، وتطوير مهارات الحوسبة لباحثي المركز الوطني للأرصاد باستخدام الحاسوب العملاق (شاهين 2)، وتدريب الجيل القادم من مهندسي المركز على صيانة مرفق الحوسبة.

تطوير دقة التنبؤات الجوية عبر القوة الحاسوبية

استطاع المركز الوطني للأرصاد زيادة القوة الحاسوبية لمرفق الحوسبة الفائقة بمقدار 10 أضعاف من خلال تعاونه مع المختبر الأساسي للحوسبة الفائقة في كاوست الأمر الذي حسن قدرة المركز على تقديم نتائج أسرع وأدق في التنبؤات الجوية، وكانت نقطة تحول مفصلية في تطوير خدماته.

يشار إلى أن شراء أجهزة حاسب آلي قادرة على عمل نمذجة مفصلة للطقس ليس بالأمر الهيّن، إذ يحتاج الأمر أجهزة حاسوبية مصممة خصيصًا لهذه الوظيفة، ويمكن أن تستغرق عملية الشراء سنوات، وبفضل جهود علماء كاوست في الخدمات الاستشارية في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم والاختبار، تم رفع القدرات الحاسوبية للمركز الوطني للأرصاد من 10 إلى 380 تيرافلوبس ولا يزال العمل مستمرًا مع كاوست في المرحلة الثانية لتطوير هذه القدرات إلى 1.8 بيتا فلوبس.

وتسمح زيادة القوة الحاسوبية للمركز الوطني للأرصاد بتشغيل نماذج التنبؤ بالطقس التي تغطي منطقة شاسعة تشمل الشرق الأوسط وأجزاء كبيرة من أفريقيا وآسيا، ويتم تحديثها كل ساعة، وهو تطور ملحوظ عن القوة الحاسوبية السابقة التي كانت تغطي الشرق الأوسط وبعض المناطق المجاورة في أفريقيا وآسيا بمعدل 4 مرات في اليوم، كما تحسن رؤية أنماط الطقس من دقة 7 كيلومترات إلى 1.6 كيلومتر، مما يقدم تفاصيل أكثر وأوسع.

ويقول مدير مرافق المختبر الأساسي لأبحاث الحوسبة في كاوست الدكتور جيسو لي: «مهمتنا تتمثل في تطوير مرافق متقدمة وخبرات فنية في مجال الحوسبة الفائقة، يسعدنا إتاحة بنيتنا التحتية لدعم قدرات المركز الوطني للأرصاد ومساعدته لتطوير بنيته الخاصة حتى يتمكن من تقديم خدمات عالية الجودة بصورة مستقلة».

تمكن التطورات الكبيرة للمركز الوطني للأرصاد من تحسين أنظمة التنبؤ الرقمي بما في ذلك نماذج الطقس والغبار والمحيطات، إضافة إلى أنظمة التنبؤ الآني، التي تلعب دورًا رئيسيًا في تتبع مسار وتطور العواصف الرعدية والرياح القوية. ويقول مدير التنبؤ الرقمي للطقس في المركز الوطني للأرصاد محمد العمري: «يثمّن المركز الوطني للأرصاد الجهود الكبيرة التي بذلتها كاوست وفريق المختبر الأساسي للحوسبة الفائقة في الجامعة، ونأمل مواصلة هذا التعاون الذي سيصب في المقام الأول في مصلحة الوطن».

أبحاث الطقس في مختبر الحوسبة الفائقة

لا يقتصر دعم المختبر الأساسي للحوسبة الفائقة في كاوست على المساعدة في ترقية مرافق المركز الوطني للأرصاد، بل يساعد المختبر مهندسي المركز في إجراء أبحاث بيئية على الحاسوب العملاق (شاهين2) الذي يتميز بسرعة فائقة تمكّن من استكشاف الظروف الجوية المختلفة مثل تلوث الهواء، وتحسين نماذج التنبؤ بالطقس دون تعطيل لعمليات التنبؤ والرصد اليومية للطقس والمناخ التي يقوم بها المركز.

باستخدام قوة حاسوب كاوست العملاق (شاهين2)، استطاع المركز الوطني للأرصاد العمل مع المركز الوطني الأمريكي لأبحاث الغلاف الجوي لتطوير وتنفيذ نظام تنبؤات جوية تشغيلي متخصص يوفر تنبؤًا متواصلاً لمدة 10 أيام للغبار والعواصف الرملية في الوقت الفعلي، مقارنة بالنظام السابق الذي كان يقدم تنبؤات جوية لمدة 3 أيام فقط، يقول محمد العمري: «أدى التعاون بين المركز الوطني للأرصاد وكاوست إلى نقلة نوعية في عمل الأرصاد الجوية في المركز، وأتاح لمنسوبيه فرصة العمل مع مجموعة من أفضل العلماء في مجال الحوسبة الفائقة فضلاً عن استخدام الموارد المتطورة للحاسوب شاهين2».

تهيئة الشباب السعودي

من الأهداف الرئيسية للمركز الوطني للأرصاد، بخلاف التنبؤ بالطقس، تطوير قدرات مركز الحوسبة الفائقة وتهيئة الكوادر والخبرات الوطنية. ويولي المركز أولوية قصوى لتدريب مهندسيه خصوصاً في المرحلة القادمة من التعاون بين المركز وكاوست.

ويقدم مختبر الحوسبة الفائقة تدريبًا متخصصاً لمهندسي المركز الوطني للأرصاد يمكنهم من معالجة نماذج الطقس، وتحسين وتسريع الوصول إلى ملفات النماذج على الحاسوب العملاق شاهين2، ولا شك أن تنمية الخبرات الوطنية ستساعد على ضمان التمّيز في عمليات مركز الحوسبة الفائقة والتنبؤ بالطقس في المركز الوطني وفي جميع أنحاء المملكة.

ويقول كبير علماء الحوسبة رئيس فريق كاوست الدكتور صابر فقي: «كان من دواعي سرورنا العمل مع المركز الوطني للأرصاد وتقديم الدعم لمركز الحوسبة الفائقة الخاص بهم، وتدريب المهندسين السعوديين الشباب، الذين كانوا حريصين على التعلم ولديهم اهتمام كبير بالتقنيات الحالية والمستقبلية».

مستقبل التنبؤ بالطقس والمناخ

يقدم مختبر الحوسبة الفائقة في كاوست خدمة تخزين البيانات الاحتياطية للمركز الوطني للأرصاد، بما في ذلك عمل نسخة مطابقة لنموذج الطقس الخاص بهم، ولتسهيل نقل البيانات الاحتياطية والبحثية، عمل فريق تقنية المعلومات في الجامعة مع شركة الاتصالات السعودية (STC) لإنشاء شبكة عالية السرعة مرتبطة مباشرة بالمركز الوطني للأرصاد تمكن من تسريع عملية النسخ الاحتياطي للبيانات في كاوست فضلاً عن الرابط المباشر للشبكة في حالة تعطل الحاسوب مما يضمن استمرار المركز بتزويد الجمهور والوزارات الحكومية بالتنبيهات اللازمة وتوقعات الطقس في الوقت المناسب.

ويقول المدير التنفيذي المؤقت لمختبرات كاوست الأساسية والبنية التحتية البحثية الدكتور دانيال أسيفيدو فيليز «أظهر تعاوننا مع المركز الوطني للأرصاد وجود طلب قوي لخدمات الحوسبة الفائقة وللخبرات الفنية عالمية المستوى في هذا المجال، ونحن ملتزمون بتطوير المواهب المحلية وتمكين مرافق الحوسبة الفائقة التي تلبي احتياجات المملكة الحالية والمستقبلية».

أما الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد الجوية الدكتور أيمن غلام، فقال: «هذا النجاح يفتح الباب أمام مزيد من التعاون مع كاوست في عدة مجالات، فضلاً عن المشاركة في البحث والتطوير لأعمال الأرصاد الجوية في المملكة».