جمعيّة (جيشاة) الاسرائيلية: غزّة تنزِف دمًا ودموعًا والإعمار بطيء وخشية من عدوان جديد ..

قالت جمعيّة (جيشاة)– مسلك، مركز للدفاع عن حرية الحركة، في بيانٍ رسميٍّ، تلقّت “سما” نُسخةً منه إنّه “بعد مرور عام تقريبًا على حديثنا الأول معه، التقينا مرة أخرى بعبد الله أبو حليمة، فلسطيني من سكان غزة تعرض مشروعه الفريد للزراعة المائية لأضرار بالغة جراء القصف الإسرائيلي في أيار 2021”.

عبد الله أبو حليمة، خسر مصنعه الفريد من نوعه وعاد للعمل بإسرائيل: “هذه أصعب فترة مررت بها في حياتي، لا دخل، لا أفق، كلّ محاولةٍ ترتطم بعقبة انعدام التمويل، لا استقرار سياسيّ، ولا أمنيّ، ولا اقتصاديّ”

عبد الله أبو حليمة، 35 عامًا، متزوج وأب لثلاثة أطفال، أقام مشروعه للزراعة المائية في العام 2019 بهدف حلّ المشاكل التي يواجهها المزارعون في القطاع، وأتاحت الدفيئة الفريدة التي بناها كجزءٍ من المشروع، استخدام أكبر لمساحات صغيرة من الأرض، ولتقليل كمية المياه اللازمة للمحاصيل الزراعية. وتضررت الدفيئة في 19 أيار 2021 بقصف جوي ومدفعي إسرائيلي على المنطقة، مما أدى إلى تدمير محاصيل كاملة، بالإضافة إلى تضرر المبنى والمعدات داخله”.

أبو حليمة قدّم طلبات تمويل للعديد من المنظمات الدولية والمحلية بعد انتهاء العدوان لترميم مشروعه، لكن للأسف لم تستجب أي منها، وأدرك أبو حليمة أنّ لا مفر سوى التكيف مع الواقع الجديد، فقرر استخدام قطعة أرضه لبناء دفيئات زراعية عادية على أمل أنْ يتمكن من العمل والمضي قدمًا، لكن الديون المتراكمة عليه كانت أكبر من طاقته.

“هذه أصعب فترة مررت بها في حياتي”، قال أبو حليمة، “لا دخل، لا أفق، كل محاولة ترتطم بعقبة انعدام التمويل. لا استقرار سياسي، ولا أمني، ولا اقتصادي”.

لم يترك سوق العمل الذي يعاني من عبء 15 عام من الإغلاق الإسرائيلي المشدد الكثير من الخيارات لأبو حليمة: “كان لدي ثلاث خيارات فقط: محاولة الخروج من غزة والسفر إلى تركيا للبحث عن عمل، أو البقاء في غزة والذهاب إلى السجن بسبب الديون التي لم أستطع سدادها، أو التقدم بطلب للحصول على تصريح للعمل في إسرائيل”، يقول أبو حليمة.

حصل أبو حليمة في بداية العام الجاري على تصريح لمغادرة غزة للعمل في إسرائيل، ويعمل الآن في مجال الترميمات:”بدأت بسداد الديون على الأقل. هناك دائما خطر أنْ تغلق إسرائيل المعبر بسبب الوضع الأمني، لكن ليس لدي بديل في قطاع غزة”.

الجمعية الإسرائيليّة لمناهضة الاحتلال (مسلك) أكّدت في بيانها أنّه “على مدى سنوات لم تضع إسرائيل العقبات المستحيلة أمام تطوير المبادرات والمصالح الصغيرة والكبيرة في غزة فحسب، بل أضرت عمدًا بالاقتصاد الفلسطينيّ وأخضعته للمصالح الإسرائيلية، لافتةً إلى إنّ “تصاريح “التجارة” و-“الاحتياجات الاقتصادية” القليلة التي تمنحها للفلسطينيين في غزة ليست كافية لدعم مئات الآلاف من العاطلين عن العمل في القطاع، بالإضافة إلى أنّها محدودة لفترة تصل إلى ستة أشهر فقط”.

 

 و”حتى اليوم، لا يزال الكثيرون من رواد الأعمال الآخرين في قطاع غزة يواجهون عواقب العدوان الأخير كما هو حال أبو حليمة”، بحسب البيان.

سجى أبو شعبان افتتحت مطعم (بيتنا) ببرج (الجوهرة) ولكنّ الاحتلال دمرّ العمارة بقصفٍ جويٍّ:”كنّا نعدّ الطعام للناس، واليوم نأمل، عاملاتي وأنا، أنْ يتمكن أحدهم من توفير الطعام لأطفالنا”

بعد حصولها على لقب في إدارة الأعمال من الجامعة الإسلامية في غزة وفوزها بجوائز من مسابقات طبخ دولية، افتتحت سجى أبو شعبان مطعمها وأطلقت عليه أسم “بيتنا”، ووظّفت سبع عاملات. حتى أيار (مايو) 2021، تحدثت أبو شعبان بفخر عن إدارة المطعم المهنية، وتذكرت كيف عملت ليل نهار على أمل نجاحه.

“شعرت بالفخر والمسؤولية كامرأة متزوجة لديها مصدر دخل خاص بها. أنا لست ربة منزل فقط، بل مستقلة أيضًا ويمكنني مواجهة الصعوبات وأنْ أثبت لنفسي وللنساء اللائي يعملن معي أن بإمكاننا إحداث التغيير”، قالت آنذاك.

قصفت إسرائيل في الثاني عشر من شهر أيار (مايو) 2021 برج (الجوهرة) في مدينة غزة حيث كان يقع مطعم “بيتنا” مما أدى إلى تدميره.

خططت أبو شعبان توظيف المزيد من النساء وكانت تحلم بفتح فرع آخر للمطعم. عندما تحدثنا إليها بعد عام من العدوان، شعرنا بالفجوة العميقة بين تلك التطلعات والواقع:”كنا نعدّ الطعام للناس، واليوم نأمل، عاملاتي وأنا، أنْ يتمكن أحدهم من توفير الطعام لأطفالنا” تقول.مصادر التمويل لإعادة إعمار غزة في تضاؤل، ومشاريع تطوير البنية التحتية الأساسية تواجه مرارًا وتكرارًا عقبات يفرضها نظام التصاريح الإسرائيلي. أيضًا الخلاف المستمر بين السلطات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية تزيد من التعقيدات.

حتى اليوم تمّ إخلاء معظم الأنقاض التي خلفها العدوان في أيار، لكن إعادة الإعمار تسير بشكلٍ بطيءٍ وترميم القطاع بتأخر، ويتردد المانحون الدوليون في استثمار الموارد لإصلاح الأضرار طالما أنّ هناك خطرًا حقيقيًا من هجومٍ إسرائيليٍّ أخر يؤدي لذهاب استثماراتهم سدى.

“أكره المرور في المنطقة هناك، حيث كان برج الجوهرة”، تقول أبو شعبان، “دمِّر البرج بأكمله وكل ما تبقى هناك مساحة فارغة تنتظر التمويل لإعادة بنائه. يذكرني هذا بأنّ خلف كل جدار وفي كل غرفة كانت في هذا البرج قصص لأناس وأحلام لم تعد موجودة”، على حدّ تعبيرها.

جديرٌ بالذكر أنّه في العاشر من أيّار (مايو) 2021 شنّت إسرائيل عدوانًا عسكريًا واسعًا على قطاع غزة، وكانت الحياة في قطاع غزة صعبة جدًا حتى قبل العدوان الجويّ الأخير الذي دمّر البنية التحتية المدنية الحيوية ومباني سكنية وتجارية، وأدّى إلى تشريد الآلاف، واليوم بعد مرور سنةٍ، يُواجِه الكثيرين من سكان القطاع حتى اليوم الأضرار الجسدية والنفسية التي خلفها العدوان.