جنرال إسرائيلي يدعو لاغتيال القيادات الفلسطينية.. والاحتلال يدرس شن عملية عسكرية واسعة بالضفة

ضمن النقاش الإسرائيلي الداخلي حول “رد الفعل الضعيف” على صواريخ غزة، انضم الجنرال في الاحتياط تامير هايمن، مدير معهد أبحاث الأمن القومي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقاً، للدعوات المطالبة بالعودة لاغتيال القيادات الفلسطينية.

في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية قال هايمن إن بياناً صادراً عن الجيش الإسرائيلي بشأن العودة إلى الحياة الروتينية في مستوطنات غلاف غزة قد أثار غضبَ عدد لا يُستهان به من سكان المنطقة، وهم ليسوا الوحيدين.

ويتابع انتقاداته لأداء حكومة الاحتلال: “إذ يبدو أن الحدث قد انتهى بهذه البساطة بعد يوم واحد من إطلاق النار بصورة كثيفة مقارنة بالفترة الماضية، وبعد الرد الليلي الذي قام به الجيش. لكن الغضب يجعلنا نرغب كثيراً في تدفيع كل من يخترق السيادة الإسرائيلية مؤخراً ويشوّش على حياة سكان إسرائيل ثمناً باهظاً. ومع ذلك فإن المسؤولية عن أمن مواطني إسرائيل تقع على عاتق رؤساء المنظومة الأمنية، ولهؤلاء اعتبارات أوسع بكثير من اعتبارات الاستجابة إلى الرغبات والأهواء”.

ويزعم أن ردّ الجيش قد ألحق الضرر بـ “حماس”، وذلك على الرغم من أنها ليست مَن أطلق النار، لكنها تتحمل المسؤولية عن قطاع غزة برمّته، وضمنه “الجهاد الإسلامي” الذي أطلق النار. كما يزعم هايمن أن عملية الردّ هذه هي مخاطرة محسوبة وصحيحة قامت بها المؤسسة الأمنية، لافتاً إلى أن الماضي كان يشهد حوادث، على الرغم من أن “الجهاد الإسلامي” هو من قام بإطلاق النار فيها، فإن الرد كان ضد “حماس” فقط. ويقول إن السبب المباشر لإطلاق النار الذي قاده “الجهاد الإسلامي” هذه المرة كان موت الأسير المضرب عن الطعام خضر عدنان. ولقد قامت “حماس” باحتواء رد الجيش الإسرائيلي، ولم تشارك في إطلاق النار، باستثناء صواريخ جوّية لا تعرض حياة المواطنين إلى الخطر.

تصعيد متراكم
وبرأي هايمن، لا يمكن فصل الحدث الأخير عن التصعيد المتراكم الذي تشهده الفترة الماضية في الساحة الفلسطينية، لكن أيضاً لا يجب المبالغة في ربط الساحات سوياً مع إيران والجبهة الشمالية. وعن ذلك يتابع: “صحيح أن هذه رواية تريد إيران زرعها في وعينا، لكن علينا عدم الاستجابة لهذا الطموح. في الحقيقة؛ إن الساحة الفلسطينية في حالة غليان، وإيران و”حزب الله” يحاولان استغلال هذه الطاقة لمصالحهما. وتعمل “حماس” على تحريض الشباب في الضفة الغربية، وتقوم بتوجيه العمليات عبر ذراعها في الخارج وغزة، وفي الوقت نفسه، تمتنع من خوض معركة شاملة في القطاع، حيث تصب تركيزها هناك على مسار تعاظم قوتها واستقرار الوضع الاقتصادي”.

توصيات
وضمن التوصيات يقول هايمان إنه يتوجب على صنّاع القرار في إسرائيل أن يأخذوا بعين الاعتبار، عندما يبحثون الخطوات إزاء الساحة الفلسطينية، الاعتبارات التالية: المبادرة، وليس فقط الانجرار إلى استنزاف عسكري عبثي، لن يحقق إنجازاً مهماً بما يحقق “نظرية الانتصار”؛ وفي الحالة الأخيرة، جاء إطلاق النار الفلسطيني رداً على موت أسير، ومن الجيّد أننا لم ننجر إلى معركة بادر إليها العدو.

ثانياً، استعراض القوة بصورة تردع الساحات الأُخرى، والعامل ذو القدرة الأكبر على الردع هو اغتيال مسؤولين، ولذا يجب أن نقرّر الموعد الملائم، لا أن ننتظر الموعد الذي يكون فيه الطرف الآخر جاهزاً ومحمياً.

ثالثاً، إن الحصانة الداخلية والشرعية الدولية هما مركَّبان مهمّان في قرار البدء بعملية عسكرية يمكن أن تتطور إلى معركة واسعة. وفي الحقيقة، فإن الحدث الحالي الذي كان سببه موت أسير مضرب عن الطعام خاض حملة ضد سياسة الاعتقال الإداري في إسرائيل، لا يشكل أساساً جيداً للدعم الواسع (على الرغم من إطلاق النار من غزة).

نهزم أعداءنا بدلاً من هزيمة أنفسنا
وفي الخلاصة: الهدف هو إعادة الهدوء وترميم الردع، وذلك عبر جعل الطرف الآخر يدفع ثمناً يجعله يفكّر كثيراً قبل أن يتجرّأ على تحدّي السيادة الإسرائيلية. والطريق إلى تحقيق هذا الهدف هو من خلال المبادرة، لا الانجرار. لقد تركَّز الرد الإسرائيلي التلقائي على الأملاك، لا على الناس، لكن هذا لا يشكّل ضمانة بشأن المستقبل، ويجب على الذين يدفعون بـ”الإرهاب” أن يعلموا أنهم غير محميين.

 وفي الختام يخلص هايمن للقول إن أحداث الأيام الأخيرة هي دليل إضافي على حاجة إسرائيل الملحة إلى التوقف كلّياً عن إلحاق الضرر بذاتها، والتركيز على إلحاق الضرر بأعدائها.

 ويضيف: “من كان في حاجة إلى “امتحان واقعي” إضافي يوضح لماذا يجب وضع الانقلاب القضائي على الرف والوصول إلى تسوية في المحادثات في بيت الرئيس، فقد حصل عليه في الأيام الأخيرة. دعونا الآن نركز على هزيمة أعدائنا الحقيقيين، وليس على هزيمة بعضنا البعض الآخر”.

المؤسسة الأمنية تدرس القيام بعملية في الضفة الغربية
في هذا المضمار، قالت صحيفة “يسرائيل هيوم”، المتميزة بتوجهاتها اليمينية المتشددة، إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدرس القيام بعملية في الضفة الغربية المحتلة. وتقول إنه على خلفية الهجمات والتقدير بعدم توقع هدوء أمني في الفترة المقبلة، أجرت قيادة المؤسسة الأمنية، في الأسابيع الأخيرة، نقاشات تتعلق بإمكان تغيير السياسة العسكرية في الضفة الغربية، وصولاً إلى عملية عسكرية واسعة. وتقول إنه حتى الآن، لا يوجد اتفاق في الرأي بشأن هذا الموضوع، وإنها علمت بأن هناك انقساماً في الآراء ضمن القيادة العسكرية للجيش بشأن مدى صحة خوض عملية عسكرية في الضفة الغربية. وتنبه إلى أنه في الشاباك، يؤيدون وجهة النظر الهجومية، ويعتقدون أنه يجب تغيير أسلوب التحرك الأمني في الضفة الغربية، بَيْدَ أن وزير الأمن يوآف غالانت لم يحسم موقفه النهائي بشأن الموضوع. وتنوه أيضاً إلى أنه قد طُرحت مسألة القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية أكثر من مرة في السنة الأخيرة، بسبب التصعيد المستمر. وتضيف: “قبل أشهر، وقبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة في نوفمبر الماضي، بدا أن الجيش الإسرائيلي بات قريباً جداً من شن عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، ولقد أعطيت القوات التعليمات للاستعداد لذلك، لكن تغيُّر السلطة الحاكمة أعاد خلط الأوراق. والآن، ومع نهاية شهر رمضان الحساس، نوقش الموضوع من جديد بصورة جدّية من جانب صنّاع القرار، وذلك في ضوء استمرار الهجمات.

قنابل موقوتة
كما تزعم “يسرائيل هيوم” أنه بالإضافة إلى أن القيام بعملية عسكرية واسعة هي إحدى الخيارات المطروحة، فقد جرى أيضاً بحث احتمالات استمرار الوضع القائم واعتقال مطلوبين يُعتبرون “قنابل موقوتة”، أو الانتقال إلى نوع من المراحل الموقتة لعملية متدرجة في الضفة الغربية، تستهدف في كل مرة منطقة مختلفة. كما طُرح أسلوب آخر في العمل، لم ينجح حتى الآن؛ هو محاولة تعزيز قوة السلطة الفلسطينية بالقدر الممكن من أجل فرض حوكمتها على الأرض، وتقليص الحاجة الإسرائيلية إلى العمل داخل المدن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

الجهات الأمنية الإسرائيلية التي تؤيد العملية العسكرية الواسعة تعتقد أن ذلك لا مفر منه، لأن دينامية التصعيد والهجمات التي تجر وراءها هجمات أخرى – مستوحاة منها – يمكن أيضاً أن تكلّف إسرائيل ثمناً دموياً باهظاً.

موضحة أنه خلال النقاشات المحمومة التي جرت بشأن الموضوع في الأسابيع الأخيرة، كان واضحاً أن قيادة الجيش الإسرائيلي ليست متفقة في هذا الشأن، وحتى الآن، لم يعبّر رئيس الأركان هرتسي هليفي عن رأيه الحاسم في الموضوع. لكن حتى الذين يؤيدون العملية العسكرية في الضفة الغربية يدركون أنها لن تُنهي بصورة قاطعة الهجمات، بالإضافة إلى أنها يمكن أن تكلّف ثمناً باهظاً.

كما تنوه الصحيفة العبرية، المقربة من حكومة الاحتلال، أن الجهات الأمنية الإسرائيلية التي تؤيد العملية العسكرية الواسعة تعتقد أن ذلك لا مفر منه، لأن دينامية التصعيد والهجمات التي تجر وراءها هجمات أُخرى – مستوحاة منها – يمكن أيضاً أن تكلّف إسرائيل ثمناً دموياً باهظاً. وتتابع: “حجتهم هي أنه إذا لم تقم إسرائيل بعملية استباقية الآن في شمال الضفة، فإن وقوع هجوم كبير يتسبب بكثير من الإصابات، أو سلسلة هجمات قاسية، سيجبر المستوى السياسي على اتخاذ قرار للقيام بعملية كهذه لاحقاً، لذلك، من الأفضل أخذ زمام المبادرة الآن وتجنُّب الثمن الدموي الباهظ”.

وفي هذا المضمار تقول إن الرغبة في العمل، تحديداً في شمال الضفة الغربية المحتلة، ناجمة عن أن المركز الأساسي لهجمات السنة الماضية كان هناك، حيث يزداد ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية مع اقتراب نهاية عهد الرئيس أبو مازن. وتقول أيضاً إن الوضع على الأرض يغلي، كما رأينا في الفترة الأخيرة، ويكفي عود كبريت صغير، كوقوع حادث ما في حرم المسجد الأقصى، أو وفاة أسير فلسطيني، من أجل تأجيج التصعيد. وتقول أيضاً إن المؤسسة الأمنية تحذّر من أنه في الفترة الأخيرة، انزلق العنف من شمال الضفة إلى مناطق أخرى كالخليل وضواحيها التي كانت هادئة نسبياً في الأشهر الأخيرة.

عشرات الإنذارات من هجمات
وتدعي أن لدى الأجهزة الأمنية الخاصة بالاحتلال في كل لحظة عشرات الإنذارات التي تحذّر من وقوع هجمات، بعضها خَطِرٌ جداً، ولا يقتصر الأمر على ذلك، فلقد ازدادت طبيعة الهجمات خطورة بعد أن تحوّل استخدام الأسلحة النارية إلى أمر طبيعي تقريباً، كما شهدت الأشهر الأخيرة عدة هجمات بواسطة عبوات ناسفة. وتتابع: “يمكن الإضافة إلى ذلك أن أطرافاً معادية، كإيران و”حزب الله” و”حماس” وشركائهم، يشجّعون “الإرهاب” ويموّلونه، وهناك طبعاً شعور باليأس لدى الشباب الذين لم يعرفوا الانتفاضة، ولا عملية “الجدار الواقي” من جهة، ومن جهة ثانية لا يرون أملاً في المستقبل”.

كما تنوه “يسرائيل هيوم” أن تزايد أعداد القتلى من الفلسطينيين، في الأشهر الأخيرة، يصب الزيت على النار؛ فمنذ بداية السنة الحالية، قُتل في الضفة الغربية 95 فلسطينياً، بالمقارنة مع عدد الفلسطينيين الذين قُتِلوا في السنة الماضية كلّها، والذي بلغ 152 قتيلاً، وإذا استمرت هذه الوتيرة حتى نهاية السنة، فإن عدد القتلى الفلسطينيين يمكن أن يبلغ 300 أو 400 قتيل، كحصيلة للمواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية.

شرعية الحملة العسكرية
 وتخلص “يسرائيل هيوم” للقول إنه رغم الوضع القابل للانفجار في الضفة الغربية، لا تزال المؤسسة الأمنية تواصل تمسُّكها بالصيغة التي تقول إن “حماس” تريد المحافظة على الهدوء في القطاع، على الرغم من إطلاق 104 صواريخ، قبل أيام، رداً على وفاة الأسير من “الجهاد الإسلامي” المضرب عن الطعام منذ 86 يوماً في السجن الإسرائيلي.

 على غرار هايمان، تقول “يسرائيل هيوم” أيضاً إنه رغم التهدئة في قطاع غزة، فإن المسؤولين في المؤسسة الأمنية يشيرون منذ فترة طويلة إلى محاولات “حماس” توجيه هجمات ضد إسرائيل في الضفة الغربية، وأيضاً محاولتها تجنيد عرب من سكان إسرائيل لمصلحتها.

الانقسام الداخلي يسبب ضعفاً، وبرأيها لا يمكن فصل القرارات الأمنية عن الوضع الداخلي الإسرائيلي. وتشير كلّ الأطراف الاستخباراتية إلى أن الانقسام الداخلي غير المسبوق الذي سُجِّل في الأشهر الأخيرة تحوّل إلى جزء أساسي في تقديرات أعداء إسرائيل للوضع، ويتسبب بإضعاف الردع الإسرائيلي في المنطقة بصورة كبيرة. وتخلص للقول إن شن هذه الحكومة لأي عملية سيوقفها أمام تحد مهم يرتبط بشرعية مثل هذه الحرب بسبب هوس بعض وزرائها، وبسبب المخاوف من تفسير ذلك برغبة نتنياهو بصرف الأنظار عن الأحداث الداخلية في إسرائيل.