حكم العدل الدولية يعمق انفصال تل أبيب عن واشنطن

اعتبرت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية أن حكم «العدل الدولية» الملزم لإسرائيل بوقف هجومها على رفح أدى لتعميق انفصال تل أبيب عن واشنطن في حرب إسرائيل على غزة التي تواجه إدانة دولية متزايدة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يصف فيه المسؤولون الأمريكيون العملية العسكرية الإسرائيلية بأنها «عملية محدودة ومستهدفة».

وأشارت الوكالة إلى أن القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية أيضًا يزيد من الضغوط التي تواجه إسرائيل، ويأتي بعد أيام قليلة من إعلان النرويج وإيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطينية، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة «حماس».

في المقابل، تقف إدارة بايدن بمعزل عن المجتمع الدولي، فرغم معارضتها لهجوم كبير في رفح، تصر الإدارة أيضًا على أن الخطوات التي اتخذتها حليفتها الوثيقة إسرائيل حتى الآن لم تتجاوز الخطوط الحمراء.

خلافات مصرية مع إسرائيل

ومع استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، تطفو الخلافات بين إسرائيل ومصر أكثر على السطح، خاصة مع توغّل الجيش الإسرائيلي في مدينة رفح وسيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر المدينة الواقع على الحدود مع مصر وإلقاء مسؤولين إسرائيليين اللوم على القاهرة في وقف دخول المساعدات للقطاع.

وشهدت الأيام الأخيرة سجالًا بين مصر وإسرائيل عبر وسائل الإعلام، بعد مقال نشرته شبكة (سي إن إن) الأمريكية وتضمّن اتهامات للقاهرة بأنها غيّرت بنودًا في مسوّدة اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين وأضافت شروطًا طالبت بها حماس دون إبلاغ الإسرائيليين. هذا الاتهام، جعل رئيسَ هيئة الاستعلامات المصريّة ضياء رشوان يحذّر الأربعاء الماضي من أنّ التشكيك في وساطة بلاده في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزّة قد يدفع القاهرة إلى الانسحاب من دورها كوسيط في الصراع الحالي. ووصف رشوان تقرير شبكة (سي إن إن) بأنه تضمّن ادعاءات خاطئة «وخالية من أيّ معلومات أو حقائق» وقال إن التقرير «ربّما يهدف إلى تشويه دور مصر الرئيسي والبارز في محاولات ومفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة».

اتهامات متوالية

وكانت الوساطة المصرية القطريّة قد نجحت في 24 نوفمبر الماضي، في إقرار أول هدنة في القطاع؛ وكانت تلك الهدنة مدتها أربعة أيام، لكنها امتدت لأسبوع وجرى خلالها إطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيرًا فلسطينيًا كانوا في السجون الإسرائيلية.

غير أنّ رشوان قال في تصريحاته إنّ مصر «لاحظت خلال الفترات الأخيرة قيام أطراف بعينها بممارسة لعبة توالي توجيه الاتهامات للوسطاء، القطري تارة ثم المصري تارة أخرى، واتهامهم بالانحياز لأحد الأطراف وإلقاء اللوم عليهم، للتسويف والتهرّب من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن صفقة وقف إطلاق النار».

وأعلنت مصر في أكثر من مناسبة رفضها اقتحام إسرائيل لرفح الفلسطينية لما يحمله ذلك من مخاطر وقوع آلاف الضحايا المدنيين، إضافة إلى مخاطر تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصريّة الواقعة على الحدود الجنوبيّة للقطاع الفلسطيني. ضغط أمريكي

من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية أمس إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حث عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس على ضرورة فتح معبر رفح في أقرب وقت.

وأشارت الهيئة إلى أن بلينكن شدد، في محادثة هاتفية مع غانتس، على ضرورة تخطيط إسرائيل لمسألة اليوم التالي للحرب في قطاع غزة وعدم ترك الأمور دون خطط واضحة.

كما ناقش بلينكن وغانتس تطورات قضية إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة وإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، وفق ما أوردته الهيئة.

رفح في صدارة الخلاف

وعلى الرغم من التحذيرات المصريّة، فقد قالت الإذاعة الإسرائيليّة إنّ الجيش الإسرائيلي بات يسيطر على نصف الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، وهي شريط ضيّق يبلغ طوله 14 كيلومترًا وعرضه بضع مئات من الأمتار، ويُعرف باسم محور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين.

ويمتدّ محور فيلادلفيا هذا من البحر المتوسّط شمالًا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبًا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزّة وإسرائيل. ويشكّل شريطًا عازلًا بين مصر والقطاع.

وفي سبتمبر أيلول 2005، وُقّع اتفاق فيلادلفيا بين إسرائيل ومصر، والذي يُعتبر ملحقًا أمنيًا لمعاهدة السلام لعام 1979؛ ويسمح هذا الاتفاق لإسرائيل ومصر بنشر قوّات عسكريّة محدودة في المنطقة (د) بعمق كيلومترين على جانبيّ الحدود، على ألّا تتضمن تلك القوات أي انتشار لدبابات أو مدفعيّة أو صواريخ. وهذه هي المرّة الأولى منذ نحو 19 عامًا التي توجد فيها قوات إسرائيليّة في محور فيلادلفيا؛ فقد كانت إسرائيل انسحبت عام 2005 من معبر رفح ونقلت مُهمّة الإشراف عليه للسلطة الفلسطينيّة مع وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.

وكان وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي قال إن مصر تقوم بدور مهم لمساندة القضية الفلسطينية على مدار التاريخ، وإن الموقف الحالي «يتم التعامل معه بأقصى درجات الحكمة لدعم القضية والحفاظ عليها ومساندة الأشقاء الفلسطينيين على أساس حل الدولتين».

وأصدرت محكمة العدل الدولية، الجمعة، أمرًا يدعو إسرائيل للوقف الفوري لهجومها العسكري وأي عمل آخر في رفح، قائلة إن الوضع الإنساني في المدينة «كارثي» وتفاقم منذ الأمر الذي أصدرته في وقت سابق عندما دعت إسرائيل لاتخاذ تدابير مؤقتة بشأن تداعيات الحرب في القطاع.

تداعيات احتلال إسرائيل لمعبر رفح

– عدم خروج أي مريض أو جريح من غزة.

– تضرر أكثر من 20 ألف جريح ومريض سرطان وقلب وأمراض دم.

– توقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

– تصاعد الخلافات بين مصر وإسرائيل.