حملة إسرائيلية- أمريكية ضد قطر.. هل تتخلّى الدوحة عن دورها كوسيط في المُفاوضات وتطرد حماس؟

دور قطر المستقبلي خاصة في موقع الوساطة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، اصبح موضع جدل وتكهنات، وتساؤلات تشمل ان كانت الدوحة ستتخلى عن هذا الدور الذي ميزها طوال الشهور السبعة الماضية وكان موضع تقدير اقله من الولايات المتحدة وحركة حماس، اما بالنسبة لإسرائيل فقد المح مسؤولون إسرائيليون ووسائل اعلام إسرائيلية غير مرة الى عدم الرضى عن أداء الدوحة في المفاوضات. وقد ترجم ذلك لاحقا الى مواقف وإجراءات إسرائيلية اكثر وضوحا.
 وجاءت تصريحات رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قبل أيام إن قطر تعيد تقييم دورها كوسيط بين إسرائيل وحركة حماس. وللافت ان رئيس الوزراء القطري أشار الى أن الدوحة تعرضت للاستغلال والإساءة وتم تقويضها من قبل أولئك الذين يحاولون تسجيل نقاط سياسية. وهو ما قد يفسر انه نوع من ” الحرد” القطري جراء الإجراءات والاتهامات التي يقودها نتنياهو بنفسه.
ولعبت قطر خلال الفترة الماضية دوراً رئيسياً إلى جانب مصر والولايات المتحدة، في محاولة تأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. ولكن حتى الان لم يثمر المسار، بسبب تلاعب نتنياهو به وافشاله بشكل متعمد لاسباب شخصية وداخلية، حسبما يتهمه خصومه في إسرائيل.
“الحرد” القطري ان صح، له ما يبرره، فالدوحة كما يظهر باتت تتعرض لحملة إسرائيلية شرسة، تصوب على خطابها الإعلامي، ودورها كوسيط، وعلاقتها السابقة لحرب غزة مع حركة حماس، وصولا لدعم الإرهاب.

وكان قد تسربت معلومات قبل شهر في الأوساط الصحيفة العربية ان إسرائيل مستاءة وتطالب بوقف محلل الجزيرة العسكري “اللواء فايز دويري”، وان الولايات المتحدة تدخلت لتقوم السلطات القطرية بالتأثير على الجزيرة، وإيقاف الدوري الذي تتهمه إسرائيل بالانحياز الى حركة حماس، ومن الملاحظ ان القناة القطرية قامت باستبدال الدويري، بضابط عراقي متقاعد جاءت به من تركية ليقوم بمهمة التحليل العسكري اليومي للاحداث في غزة. هذه تظل اقاويل، لم تؤكدها اية مصادر. لكن الثابت ان إسرائيل منزعجة من التغطية الإعلامية القطرية وتأثيرها في الجمهور العربي، وكشفها لجرائم إسرائيل، وتسعى بالترهيب والبلطجة، والاستعانة بالولايات المتحدة لتغيير مسارها. فهل تنصاع الدوحة للضغوط، ونشهد تحولات في المحتوى الإعلامي الخاص بالعدوان على غزة؟
 في الأول من نيسان ابريل اقر البرلمان الإسرائيلي ا مشروع قانون يسمح لرئيس الوزراء بحظر وسائل إعلام أجنبية تضر بالأمن في إسرائيل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد تعهد بالتحرك “فورا لحظر قناة الجزيرة” في حال المصادقة عليه، وفقا لبيان صدر عن حزب الليكود. ووصف نتنياهو الجزيرة بـ”القناة الإرهابية وبوق حماس، والمشاركة بنشاط في مذبحة 7 أكتوبر”. ولم تخف تل ابيب غضبها من اشراك الولايات المتحدة لقطر في مشروع انشاء ميناء غزة العائم، لان كل المشروعات المستقبلة لغزة بالنسبة لإسرائيل، تحرص على عدم ان يكون لقطر أي حضور فيها، او ما تسميه ابعاد النفوذ القطري عن غزة.
من الواضح ان هناك تباينا بين تل ابيب وواشنطن بشأن التعامل مع دور القطري، وطالما الإدارة الأمريكي تعتبر الدوحة شريكا استراتيجيا مهما، فان كل التهديدات الإسرائيلية لن يكون لها تأثير كبير.
 لكن ثمة تطورات خطيرة تجري داخل الكونغرس الأمريكي لمراجعة العلاقة مع قطر، تصريحات عضو الكونغرس الأميركي، الديمقراطي ستيني هوير التي قال فيها إنه “إذا فشلت قطر في ممارسة الضغط على حماس فإن الولايات المتحدة لا بد أن تعيد تقييم علاقتها مع قطر”. ومشروع القرار الذي قدمه السيناتور تيد باد للنظر في إنهاء وضع قطر كحليف رئيسي لامريكا من خارج حلف الناتو. هذه التحركات اذا ما تصاعدت، فانها ستفتح الباب على تغيرات كبيرة. تطال دور قطر في المنطقة، ومحتوى التغطية الإعلامية، والعلاقة مع المقاومة الفلسطينية، وربما بقاء الدوحة مقرا لقادة حماس.
 لكن السـؤال المهم هنا هو : كيف ستمضي قطر في لعب دور الوسيط في ظل ان احد الأطراف بات يناصبها العداء ويمارس ضدها سياسية الابتزاز مع التلويح القادم من واشنطن بفقدان الدوحة العلاقة الاستراتيجية، والتي تعتبرها قطر إنجازا على مستوى العلاقات الدولية، ربما هذا السـؤال يفسر كلام رئيس الوزراء القطري عن إعادة قطر تقييم وساطتها، فهل نشهد انسحابا قطريا من ملف الوساطة ؟؟.
الجديد في هذا المضمار هو التسريبات التي تتحدث عن الاستعانة بالدور التركي بدلا من الوساطة القطرية، ربما واشنطن تحاول تجريب ذلك، بان تأخذ تركية دور قطر، وهذا كان مضمون الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي” حقان فيدان” الى الدوحة واجتماعه في رئيس المكتب السياسي لحماس “إسماعيل هنية” وقادة الحركة. فيدان طرح فكرة ان تلغي حركة حماس الجناح العسكري التابع لها مقابل قيام دولة فلسطينية مستقلة، الأكيد ان كلا من قطر وتركية يتمتعان بتأثير على حركة حماس، خاصة ان الحركة ومنذ مغادرتها سورية باختيارها عام 2011، وجدت ترحيبا في الدوحة وانقرة. فهل تنجح تركية في دورها الجديد؟، وهل فكرة فيدان من بنات أفكار الدبلوماسية التركية، ام هي أفكار أمريكية تهدف الى جر حركة حماس الى اتون مفاوضات جربتها سابقا حركة فتح لعقود وافضت الى كارثة على الشعب الفلسطيني.
حتى الان لم تدرك الإدارة الامريكية ان المشكلة ليست عند حماس، ولا الوسطاء، او الأفكار والمقترحات، المعضلة التي تتجاهلها واشنطن وحلفاؤها الغربيون هي في نتنياهو نفسه وأعضاء حكومته المتطرفون. كل ما سبق يؤكد اننا امام مسارات جديدة، وتركيبة مختلفة لما كان الامر عليه، ولكن العبرة في النتائج.

راي اليوم