سلام فياض يطلق صرخةً غضب .. لقد طفح الكيل

 رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض، في أول إطلالة له على الإعلام عقب عودته من الأراضي الفلسطينية واجتماعه مع الرئيس محمود عباس، ولقاءاته التي عقدها في غزة مع قيادات حماس، ومع كافة القوى الفلسطينية، بما فيهم حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، عقب العدوان لإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

فياض المعروف بهدوئه، خلال السنوات الست التي تولى خلالها رئاسة الحكومة الفلسطينية، يطلق صرخة غضب في كل الاتجاهات فهو لم يوفر أي جهة من الجهات المنوطة بالشأن الفلسطيني، لم يستثن فياض أي طرف في انتقاداته التي طالت الجميع، بدءًا من الفلسطينيين، سواء في الأمور التي تتعلق بآداء السلطة وأزمة الديمقراطية والحريات والتي غمز من خلالها باتجاه الرئاسة الفلسطينية، وقال: أن البناء الديمقراطي والتحرر الوطني مساران متلازمان  “لن نتحرر إذا لم نبن، ولن نبني إذا لم نتحرر”، وانتقد كذلك بشدة برنامج منظمة التحرير الذي لم يعد يستجيب لتحديات المرحلة الحالية الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية، ولم يخف اتفاقه مع حركة “حماس” في بعض الأمور المتعلقة بالمنظمة في هذا الصدد بالذات.

وصب فياض جام غضبه على “اسرائيل” التي تتحمل المسئولية الكاملة عن الأوضاع المعيشية اللاإنسانية في قطاع غزة، وقبل كل شيء إعاقتها المتعمدة لإعمار غزة، والتي لايزال أثر الدمار فيها منذ حرب عام 2014 ماثلاً، إلى جانب الزلزال التدميري الذي أوقعته في عدوانها الأخير، وقال: إن إسرائيل تتحمل مسئولياتها تجاه قطاع غزة كسلطة احتلال، وأن المجتمع الدولي لم يجبرها حتى الآن على ذلك. 

كما أطلق فياض العنان لغضبه تجاه المجتمع الدولي، مبدياً إنزعاجه الشديد من موقف المجتمع الدولي الذي يبدي سلبية تجاه إجبار إسرائيل على الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على الأراضي التي احتلتها في يونيو (حزيران) عام 1967 .
وخص فياض بالذكر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تتراخى عن تنفيذ قرار سيادي مثل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية حتى الآن.
هذه المواقف عبر عنها  الدكتور سلام فياض في معرض إجابته عن أسئلة “دار الحياة” خلال لقاء  له عقده مع الصحافة الدولية الإثنين الماضي عبر تطبيق “زووم”.

قطاع غزة وإعادة إعماره

فعلى الصعيد الفلسطيني وملف إعادة إعمار غزة، يرى فياض أن الأمر يتطلب وجود حكومة واحدة لغزة والضفة الغربية معًا ويكون من ضمن مهامها إعادة الإعمار عوضًا عن التفكير في إطار مؤقت لإعادة الإعمار. وقال: “كان هناك حراك دولي حول الإجراءات التنظيمية والوسائل اللازم بشأن إعادة إعمار غزة قبل نهاية العدوان الأخير”، مضيفًا : “كانت هناك محاولات للتعاطي مع التحفظات التي تضعها إسرائيل على بعض المواد التي لا تسمح بإدخالها إلى غزة، وتم الحديث كذلك عن تشكيل لجنة من شخصيات وطنية جامعة لتدير ملف إعادة الإعمار”، لافتًا إلى أنه رغم وجود آليات دولية، إلا أنه ما زال هناك ما لم يتم إعماره مما خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.

وتساءل فياض باستنكار “لا أدري لماذا يتحدثون عن إعادة إعمار غزة بمعزل عن الاحتياجات الحيوية والأساسية لسكانها، وكأنها سنغافورة؟!، وكأن الأمور كانت تسير فيها على خير مايرام، ولكن إسرائيل بعدوانها الأخير هدمت الأبراج السكنية، ودمرت الطرق، فإذا تم إصلاح ذلك وأعادوا إعمار ما تهدم ستعود الأمور إلى وضعها الطبيعي”، مؤكدًا على أن “الحقيقة مختلفة تمامًا”. وقال: “إن غزة غير قابلة لاستمرارية الحياة فيها لأكثر من عدد قليل من السنوات بسبب عدم توفر الموارد الحيوية من مياه الشرب وكهرباء، وخدمات أساسية أخرى، ناهيك عن الحصار الخانق الذي يقيد حرية الحركة لحوالي مليوني  فلسطيني”.
ولفت فياض إلى أن إمكانية استدامة الاقتصاد في حالة الإغلاق “مستحيلة”، قائلًا : “لا يمكن..بل من المستحيل وجود حركة اقتصادية قابلة للاستدامة بغزة في ظل الإغلاق فضلًا عن تقييد حركة التجارة”، محذرًا من أنه إذا لم يتم معالجة كل هذه الأمور الحيوية، فإنه لا يمكن أن تتوفر مقومات الحياة الطبيعية في غزة، مشددًا على أن الأوضاع الحياتية البائسة في غزة لا تتوقف فقط على إعادة الإعمار. وقال: “إن الحديث عن إعادة الإعمار بمعزل عن عدم تناول الاحتياجات الأساسية والخدمات الحيوية معًا هو تجزأة للموضوع أكثر من اللازم”.

ورأى فياض أن الحكومة الفلسطينية (في غزة والضفة) يجب أن تلتفت إلى كافة احتياجات الناس التي من شأنها أن تساهم في وضع اقتصادي مستقر، معتبرًا أن هموم الناس واحتياجاتهم الأساسية من توفير منظومة صحة وتعليم ووظائف، كلها قضايا جوهرية وأكبر بكثير من إعادة الإعمار، وقال “مشكلتنا الحقيقة اليوم تتمثل في أننا دخلنا في دوامة من عدم الرضا والسخط الشديد والتناحر فيما بيننا، فحرفنا الأنظار يعيدًا عن الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق أبنائنا وبناتنا في الضفة وفي غزة”. وأردف: “هذا الوضع يحتاج في الوقت الراهن، لمتابعة من قبل كيان تمثيلي واحد يمثل الفلسطينيين جميعًا بمختلف توجهاتهم بمن فيهم حماس”، مبديًا غضبه الشديد للسماح لإسرائيل بالاستفراد بغزة والتدخل في حياة الفلسطينيين، إلى جانب تحكمها فيما هو مسموح بإدخاله إلى غزة من مواد بناء، محملًا المسئولية للقيادات الفلسطينية (دون أن يسمها).

ودعا فياض الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم إلى أن يتحملوا المسئولية وأن يسألوا أنفسهم، “ما هو الممكن أن نقوم به وطنيًا ؟، وما هو الأمر الضروري الذي يجب أن نفعله من أجل خلق هذا الجسم شامل التمثيل، لا يستثني أحدًا ويضم الكل الفلسطيني ويفضي إلى انتخابات بعيدًا عن كل عوامل الضعف والقصور التي حدثت في السابق.”

وتابع رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق: “يجب أن نقرر نحن الفلسطينيين أولًا، والجميع يجب أن يشارك وأن يكون حاضرًا وممثلًا، لا أحد ينوب عن أحد”، لافتًا إلى أن القضية الفلسطينية هي في الأساس مشروع التحرر الوطني ولكن لها أبعاد حياتية مختلفة.

واعتبر فياض أن البناء الديمقراطي والتحرر الوطني مساران متلازمان لا ينفصلان على الإطلاق، وقال : “لن نتحرر إذا لم نبن، ولن نبني إذا لم نتحرر”، مؤكدًا على أن الشعب الفلسطيني هو سيد نفسه وهو صاحب القرار ومصدر الشرعية ومصدر السلطة. وقال: “فلتقرر مكونات هذا النظام السياسي ما تراه مناسبًا وطنيًا وفلسطينيًا”، وزاد: “من خبرتي المتواضعة في العلاقات الدولية إذا تم التوافق الفلسطيني على صيغة محددة سيضطر العالم للتعاطي معها”.
زيارة غزة والاجتماع مع قادة “حماس”.

وحول زيارته لغزة مؤخرا واجتماعه مع قادة حركة “حماس” وموقفها من منظمة التحرير الفلسطينية قال فياض: “قادة حماس يقولون إنهم غير مستعدين للمشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية، مقابل تغيير برنامجهم”، موضحًا أنه يتفق مع موقف “حماس” ومع موقف الجهاد الإسلامي، كما يتفق مع كافة قوى منظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك مع شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات التي ترى أن برنامج المنظمة بشكله الحالي لم يعد مناسبًا لإنجاز مهامها الأساسية وهو التحرر الوطني، قائلًا: “أنا مع من يقول إنه لم يعد كافيًا، فأين الخلل هنا؟”.

وتابع فياض: “حماس تقول إنها غير مستعدة للانضمام إلى الإطار القيادي المؤقت للمنظمة إذا اشترطوا تغيير برنامجها، وأنا أقول إن الإطار القيادي المؤقت للمنظمة قائم، ولم يشترط أحد عليهم تغيير برنامجهم، وغير مطلوب من حماس أن تغير برنامجها على الإطلاق”، مضيفًا: “لو ترك الأمر لي لقلت إن منظمة التحرير يجب أن تضم كافة القوى السياسية بمختلف برامجها بدون تعديل أو تغيير” وأضاف: “أنا مع برنامج وطني واحد مختلف الرؤى (..) ليس من الضروري من اليوم أن نكون متفقين على المحطة النهائية (للقطار)، فمازال أمامنا محطات كثيرة يجب أن نسافر ونمر بها معًا، قبل أن نصل للمرحلة الأخيرة”.
وأردف فياض قائلًا : “ليس مطلوبًا من حماس أو الآخرين أن يغيروا أثوابهم، ومن لديه تحفظات أو رأي مختلف نطرحه على الطاولة للنقاش، ليس مقبولًا أن نتهم الآخرين بالخيانة أو الجنون لمجرد اختلافهم معنا”.

ورأى فياض أن التحدي الذي يواجهه الفلسطينيون جميعًا هو إيجاد صيغة مقبولة وطنيًا لإدارة هذه التعددية بشكل فعال لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجبروته، قائلًا: “هذا التحدي لم نجربه بعد، فقد أصبحنا مبرمجين، وعلينا أن نتحرر من هذه المصيدة (الوطنية)”. وأوضح أن الخلاص الوطني لا يكون بالشعار بل ببذل كل جهد ممكن من أجل إعادة صياغة السلطة كي تكون أداة تمكين، وقال: “نحن مع الانفتاح على العالم ولكن يجب أن نعامل بندية كاملة (..) هذا أمر أساسي غير مقبول أن يُفرض علينا شروط مجحفة، والتي تشكل فيتو على إمكانية  استرداد وحدتنا (وحدة النظام السياسي الفلسطيني)”.

ودعا فياض إلى عدم التعويل على إسرائيل، وقال: “لا يوجد توقع واحد من أي حكومة إسرائيلية بأن تعترف بأي من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”، محملاً  إسرائيل مسؤولية الأوضاع المأساوية في قطاع غزة بسبب الإغلاق وعدم السماح للناس بمغادرة غزة للعلاج والتعليم، ومنعها إدخال الكثير من المواد الأساسية، ومن ثم عرقلة إعادة الإعمار. وطالب بضرورة أن تتحمل إسرائيل مسؤوليتها تجاه قطاع غزة كقوة محتلة، موضحًا أن إسرائيل تحتل غزة وتسيطر تمامًا على كل منافذها برًا وبحرًا، ولذلك يجب أن تتحمل مسؤوليتها كاملة كسلطة احتلال.

حكومة فلسطينية بمشاركة “حماس” والمجتمع الدولي
وحول مدى إمكانية قبول المجتمع الدولي بحكومة فلسطينية تشارك فيها حركة “حماس”، قال سلام فياض: “أشعر بالضيق والغضب عندما أسمع هذا الطرح، عندما يكون هناك أمر جدي يستطيع أن يقدمه لنا المجتمع الدولي عندئذ فقط سأستمع له”، وتابع: “لم أسمع يومًا المجتمع الدولي قال لإسرائيل (قبل أي شيئ نريد منك أن تعترفي بحق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي التي احتلتها في 5 يونيو/حزيران عام 1967 وتشمل القدس الشرقية)”. وقال “نحن دائمًا نطرح هذا السؤال، ما يقبله المجتمع الدولي وما لا يقبله، تحت هذا العنوان أضعنا سنوات طويلة وتعثرت إمكانية وحدتنا”، وزاد : “يجب أولاً أن انتصر لشعبي واحتياجاته واستمع لرغبته الصادقة في تحقيق الوحدة”.

وأضاف فياض : “المجتمع الدولي لن ينفعنا بشيء”، مشيرًا إلى أنه “رغم الانتقادات والاعتراضات التي وجهت لخطة السلام التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (صفقة القرن) وما تضمنته من نقل للسفارة الأمريكية إلى القدس ووسم لمنتجات المستوطنات وإلخ، لكننا لم نر رد فعل جاد من المجتمع الدولي يجابه هذه الخطوات غير الشرعية”.

ولفت إلى أن المجتمع الدولي لا يتعامل إلا مع القوي، الانقسام هو عنوان الضعف وهو مدخل للتعامل معنا بشكل فردي وليس جمعي، مشيرًا إلى أن قناعاته بأن الأمر الذي يتم الاتفاق عليه يجب أن يكون (فلسطينيًا خالصًا) وقتها سيصبح العالم مضطرًا للتعامل معه.

إدارة بايدن
وانتقد فياض، تراخي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في اتخاذ القرارات المناسبة تجاه القضية الفلسطينية، مشيرًا (على سبيل المثال) إلى عدم فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية حتى الآن، وقال : “إن هناك قرارًا سياديًا بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، ورغم مرور حوالي ثمانية أشهر من تولي إدارة بايدن السلطة إلا أنها لم تتخذ هذا القرار وتنتظر حتى تمرر الحكومة الإسرائيلية الجديدة الموازنة، فهل ذلك معقول ؟!”.

وتوقف بشكل خاص عند مقتل الناشط السياسي الفلسطيني نزار بنات الذي تتهم عائلته أجهزة أمن السلطة الفلسطينية باغتياله، وقال فياض “إنها نقطة تحول في حالة الاستياء الشعبي في فلسطين”، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني خرج للاحتجاج في مسيرات لاقت تأييدًا دوليًا أيضًا، وهو ما جعل الأمر أسهل بالنسبة للناس في التعبير عن غضبهم.

وقال إن على السلطة الفلسطينية اتخاذ موقف جاد لكسب ثقة الشعب بداية بالاستماع للفلسطنيين وخاصة الشباب الغاضب من الأحداث الجارية من الاحتلال والوعد بالحرية الذي لم يتحقق.

وكان اسم فياض قد جرى طرحه مؤخرًا كواحد من أبرز المرشحين لتولي رئاسة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي كان يُفترض تشكيلها قبل عدة أشهر، وعزز من هذا الطرح تحركات فياض ولقاءاته مع أقطاب في الطيف السياسي الفسطيني، فماذا في جعبة الأكاديمي الذي سبق أن تولى رئاسة الوزراء لمدة 6 سنوات (2007 – 2013)؟.

قال فياض ردًا على ما تردد عن إمكانية توليه رئاسة حكومة وحدة وطنية جديدة ، “أنها مجرد تكهنات، كانت تتردد قبل عودتي من الولايات المتحدة إلى فلسطين في أبريل الماضي”، لافتًا إلى أن “شائعات ترددت عن عقدي جلسة مطولة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى قبل عودتي إلى فلسطين أساسًا، وبعدها تحدثت تقارير عدة عن لقاءات جمعتنا”.

وأوضح فياض أنه التقى عباس مرة واحدة فقط، بعد فترة من عودته إلى فلسطين وقبل أيام من زيارته لقطاع غزة، حيث ناقشا الأوضاع الراهنة على الصعيد الداخلي والدولي.

ونفى فياض أن تكون لقاءاته مع حركة “حماس” تناولت تشكيل حكومة، موضحًا أن هذا الحديث “غير منطقي”، وقال: “لا يمكن أن تبحث عن تشكيل حكومة جديدة بدون أن تكلف بذلك”.

وأوضح أن زيارته لغزة كانت جيدة وطبيعية ومثمرة، لافتًا إلى أنه تحدث مع المواطنين عامة، وكذلك مع الفصائل بمن فيهم حماس والجهاد والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية حول أفكار وتصورات وضعها منذ سنوات عن الوضع في القطاع والمساواة بين الفلسطينيين من جديد بشكل هادف.
وشدد على أنه لم يكن هناك أي مشاورات مباشرة أو غير مباشرة حول تشكيل حكومة جديدة، وأن كل ما قام به هو عرضه لسبل الوحدة والمساواة بين الفلسطينيين.
وأشار فياض إلى أنه يعتبر أن نقطة البداية بالنسبة لكل الفلسطينيين هي العمل على إعادة وحدتهم، ومن ثم استعادة التمكين الذي يحتاجه الفلسطينيون للمضي قدمًا والابتعاد عن حافة الخطر، قائلا : “أتحدث عن الأمر بشكل عام وليس عن أن ألعب دورًا في هذا”.

خريطة طريق الوحدة الفلسطينية

وحول إمكانية إنهاء الانقسام الفلسطيني، قال فياض إن إعادة الوحدة الفلسطينية أمر ممكن، عبر معالجة  العناصر الأساسية فيما يتعلق بملفي المنظمة والحكومة، ودون وضع شروط مسبقة، ومن ثم إجراء انتخابات عامة، مشيرًا إلى أنه بحث هذا الأمر خلال زيارته الأخيرة إلى غزة.

ودعا فياض إلى ضرورة استغلال الوقت الذي يهدر في الانقسام الحالي بين القيادات الفلسطينية، والبدء في بناء مجتمع فلسطيني، وتمكين الفلسطينيين من أجل الإجماع حول القضية ومناقشة الآراء وإقامة علاقة تقوم على الاستماع بين الحكومة والمواطنين، خصوصًا في ظل عدم وجود طرح سياسي، فالعملية السياسية غير مطروحة حاليًا وبالتالي يغيب احتمال الوصول إلى حل لإقامة الدولة الفلسطينية.

وناشد رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب إقامة الدولة الفلسطينية واعتراض أي فيتو يعرقل احتمالية الوحدة الوطنية، موضحًا أن الانقسام لن يسفر عن أي تقدم نحو نيل الحرية.

وأكد فياض أن الشعب الفلسطيني بدأ يفقد الثقة في قيادته منذ عدم الإيفاء ببنود اتفاقية أوسلو الموقعة مع إسرائيل برعاية دولية في عام 1993، ولكن بعد مايو/أيار 1999 ، حيث لم يحدث تقدم في مفاوضات قضايا المرحلة النهائية كما تنص عليه الاتفاقية، وما تلاها من سنوات الانتفاضة، بدأ الشعب يشعر بفقدان الثقة في هذا الحل، ومن ثم فإن إخفاق الاتفاقية في ضمان إقامة دولة للشعب الفلسطيني كان عاملًا رئيسيًا في إثارة الشكوك في السلطة الفلسطينية، ما أدى إلى حالة من الاستياء بشكل تدريجي، وخرج الشعب في السنوات الأخيرة إلى الاحتجاج في الشوارع وهو ما كان أمرًا نادرًا، ليس لأن الشعب غير غاضب من الطريقة التي يُحكم بها، ولكن لشعوره بأن السلطة الفلسطينية محاصرة ومضطهدة من إسرائيل والمجتمع الدولي.
وقال فياض إن بإمكان السلطة الفلسطينية ومن واجبها أن تكون أداة تمكين للشعب الفلسطيني، وبمقدورها أن تقوم بهذا التحول وبشكل أساسي من خلال سماع مطالب الشعب.

خطط العودة للعمل السياسي

وحول خطط عودته إلى العمل السياسي في فلسطين والاستشارات التي قد يمد بها السلطة الفلسطينية خاصة مع وجود الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي ترفض حل إقامة الدولتين، قال فياض: “فعلت كل ما بوسعي للترشح في الانتخابات التي تم إلغاؤها، لكن حاليًا ليس لدي أي خطة، وفي حال الإعلان عن إجراء انتخابات جديدة سأفكر في احتمالية الترشح حسب الموعد المقرر لها”. مضيفًا: “اعتقد أن الانتخابات التي أُلغيت كان يجب أن تسبقها حالة من الوحدة، لذا يجب أن نقوم أولًا في الوقت الراهن بإعادة توحيد الصف الفلسطيني وبحث سبل تشكيل حكومة تجمع بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهو أمر مطول وقد يستغرق سنوات لإنهاء سنوات من الانقسام، وعلينا البدء من الآن في العمل على ذلك”.

وأوضح فياض أنه لا يصح التحدث عن كيفية التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة قبل معالجة حالة الانقسام الداخلي التي يجب أن تكون لها الأولوية.

ولفت إلى أنه لن تكون هناك كلمة مسموعة  للقيادة الفلسطينية بدون العمل على أجندة لإعادة الوحدة الوطنية والتعاون مع الأشقاء العرب بدءاً  بمصر والأردن، وضمان أجندة عمل على مدار العامين القادمين، ومن ثم التعامل مع الحكومة الإسرائيلية بشكل يرفض التهاون بأي من حقوقنا الوطنية المشروعة.

لكن فياض أكد أن أمر إعادة توحيد القيادة الفلسطينية في إطار السلطة والمنظمة ليس سهلًا، وإلا كان تم تحقيقه منذ الانقسام في عام 2007، موضحًا أنه يأمل في تحقيقها في ظل جهود الوساطة التي ترعاها مصر بشكل مستمر، وجهات أخرى من حين لآخر، وتابع “علينا ألا نفقد الأمل”.

وقال فياض : “إن الرئيس عباس لديه سلطة ليست لدى أي فصيل فلسطيني أو أي جهة فلسطينية أخرى حاليًا، وهي سلطة الدعوة لعقد لقاء يشمل الجميع، للحوار الوطني، وهو ما يمثل تحديًا في الوقت الحالي، أما بالنسبة لحماس، فإنها تسيطر على قطاع غزة سيطرة كاملة، وإشراكها في الحوار الوطني لابد منه، وهو ما يجسد الوحدة الحقيقية القائمة على التعددية والاستقواء به”.

ورأى فياض أن “الأمور المتعلقة بمعبر رفح ينبغي أن يتم بحثها بين مصر والسلطة الفلسطينية التي تشكل حماس جزءًا منها ، وليس بين  لا مصر وحماس كفصيل (كما هو قائم اليوم)”.

ودعا فياض إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة والسماح بحرية تنقل سكان القطاع من وإلى الضفة الغربية والسفر عبر معبر رفح من خلال التعاون بين وجود أجهزة الأمن الفلسطينية والمصرية، وليس تعامل السلطات المصرية مع إحدى الفصائل الفلسطينية -في إشارة إلى حركة حماس-، وقال:

“أسلوب التعاون بين حكومات الدول وبين بعضها مختلف بكل تأكيد”، مشددًا على أن هذا هو الأسلوب الصحيح في التعامل الإقليمي والدولي، مما سينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين في قطاع غزة.

المصدر: دار الحياة