صحيفة إسرائيلية: نفق يقظ تحت برج نائم.. سيناريو الليلة الأولى لفرار “الأسرى” الفلسطينيين

هآرتس – بقلم: يهوشع براينر وآخرين                             “ستة سجناء أمنيين هربوا فجر الاثنين من سجن جلبوع، من بينهم زكريا الزبيدي، الناشط في حركة فتح، والذي كان قائداً لكتائب شهداء الأقصى في جنين. استمرت عملية تفتيش واسعة عنهم، وقدرت الشرطة استمرار الاستعدادات العالية والتفتيش حتى بعد عيد العرش على الأقل، فعشرات الحواجز وضعت في منطقة الشمال وفي أرجاء البلاد. مصدر رفيع في مصلحة السجون اعتبر هرب السجناء “فشلاً بحجم غير مسبوق”، وأضاف “هذا هو فشل يوم الغفران بالنسبة للمصلحة. تحت أنظار قادة السجن والاستخبارات، نجح السجناء طوال فترة طويلة في التخطيط، مع جهات خارجية، للهرب من السجن وحفر نفق.

أول أمس، اعتقل ثلاثة أشخاص في قرية الناعورة قرب العفولة بتهمة مساعدة السجناء على الهرب. وبعد فترة قصيرة تم إطلاق سراحهم.

حسب مصادر مطلعة، تم فحص اشتباه أن السجناء مكثوا في القرية فترة قصيرة بعد هربهم، وغيروا ملابسهم واشتروا الطعام من المخبز المحلي. تركز عدد من التفتيشات في المنطقة القريبة من الناعورة وعمل الجيش في منطقة قرية الجلمة الفلسطينية قرب جنين.

ووجهت مصادر رفيعة في مصلحة السجون أصبع الاتهام لمفتشة المصلحة كاتي بيري، ولقائد المنطقة الشمالية اريك يعقوب، ولرئيس لواء الاستخبارات ريغف دحروج. “هي ليست حادثة تتعلق بالمستويات الدنيا”، قال مسؤول كبير. “المسؤولون عن الفشل هم قادة مصلحة السجون والاستخبارات الذين لم يستخدموا العوائق لشراء هدوء السجناء. هذا ما يحدث عندما يتم تعيين أشخاص ليست لهم تجربة في مناصب حساسة جداً”.

وقدر جهاز الأمن أن السجناء ما زالوا في أراضي إسرائيل ولم يجتازوا الحدود إلى الضفة الغربية أو الأردن. أيضاً وعبر جهاز الأمن أيضاً عن قلقه من أن يحاول السجناء الستة تنفيذ عملية أو الدخول إلى بيوت المواطنين واختطافهم للمساومة.

كما عبر جهاز الأمن عن قلق من تحول السجناء الستة إلى أبطال لدى التنظيمات الإرهابية والفصائل الفلسطينية. وقد لاحظوا تكتل كل الفصائل حول الهرب. في محادثات مغلقة، ثمة مصادر في جهاز الأمن اعتبرت أن الوضع “جلوس على برميل مواد متفجرة”. وعبرت عن تخوفها من أن يؤدي هذا الأمر إلى تصعيد واسع في الضفة الغربية وقطاع عزة.

حسب التقديرات، لم يخطط السجناء للانتقال إلى الضفة فور الهرب لتجنب الاعتقال من قبل قوات الجيش الإسرائيلي. أمس، أعلن الجيش أن الإغلاق الذي تم فرضه على الضفة الغربية في عيد رأس السنة العبرية والذي كان يتوقع انتهاؤه مساء أمس، تم تمديده إلى منتهى السبت بسبب التفتيشات. الوحدات الخاصة في جميع أجهزة الأمن استعدت لاعتقال الستة سجناء أو الاشتباك معهم. في تقدير الوضع الذي أجراه الضباط الكبار في جهاز الأمن، ثار شك بأن السجناء الستة سيحاولون تنفيذ عملية إذا أدركوا أنه سيتم إلقاء القبض عليهم. وقال جهاز الأمن إنه في الأيام الأخيرة تم استخدام وسائل استخبارية غير مسبوقة، حتى بخصوص مطاردة تمت بعد تنفيذ مخربين لعمليات في السنوات الأخيرة. وبسبب افتراض يقول إن السجناء ما زالوا في أراضي إسرائيل، فإن مسؤولية العثور عليهم ألقيت على الشرطة، التي استعانت بالشاباك والجيش. وتتعلق أساس جهود الجيش بمحاولة منع انتقال الستة إلى الضفة والأردن. وبناء على ذلك، تم تعزيز نقاط الرقابة على طول الحدود. “الهدف الأساسي هو اعتقال الستة. ولكن يجب القول بأنه مطلوب هنا صبر كبير”، أضاف مصدر في الشرطة.

يتبين من التحقيق أن الزبيدي والسجناء الخمسة من الجهاد الإسلامي مكثوا معاً في غرفة رقم 5 في القسم 2، التي تعتبر في قسم سجناء “فتح”. حسب الشكوك الستة، كانوا قد رفعوا غطاء معدنياً تم تثبيته بأرضية المرحاض في الغرفة ووجدوا تحته فراغاً. وهذا “فشل هيكلي”، حسب تقدير مصلحة السجون. بعد هذا الفراغ حفر السجناء نفقاً استغرق حفره نصف سنة، بطول عشرات الأمتار، إلى خارج جدار السجن. وعثر على فتحة خروج النفق على بعد بضعة أمتار خارج جدار السجن قرب برج مراقبة، وتم إخفاؤها بالعشب. حسب مصدر أمني، اعترفت السجانة المكلفة بحراسة برج المراقبة فوق فتحة النفق الذي هرب منه السجناء بأنها كانت نائمة.

حسب الشكوك، هرب السجناء مشياً على الأقدام إلى منطقة تبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن السجن، وهناك ركبوا سيارة. حسب نتائج التحقيق، هرب السجناء في الساعة الواحدة والنصف ليلاً تقريباً. وعند الساعة 1:49 ليلاً اتصل سائق سيارة عمومية بالشرطة، وقال إنه شاهد ثلاثة أشخاص مشبوهين يرتدون ملابس بنية ويركضون في الحقول المحيطة بالسجن. في الساعة 1:58 جاءت سيارة شرطة إلى المكان وبدأت بعملية التمشيط. عامل في محطة وقود قريبة قال لرجال الشرطة بأنه شاهد شخصاً مشبوهاً في المحطة. وفي الساعة 2:14 أجرى نائب قائد مركز شرطة بيسان تقديراً للوضع، وأبلغ مصلحة السجون بالمستجدات. رداً على ذلك، رفعت مصلحة السجون مستوى الاستعداد وأجرت إحصاء للسجناء داخل السجن. عند الساعة 3:29 أبلغت مصلحة السجون الشرطة بأن ثلاثة سجناء مفقودين. وقد تم استدعاء قوات كبيرة إلى منطقة السجن. وفي الساعة الرابعة، تبين أن ستة سجناء مفقودون.

“شاهدت ثلاثة أشخاص ملثمين ومعهم ما يشبه الحقائب”، قال سائق السيارة العمومية في محادثته مع الشرطة.”لم أر وجوههم. وقد هربوا نحو غابة الأشجار قرب السجن… اجتازوا الشارع بسرعة ودخلوا بين الأشجار. كانوا يرتدون ملابس بنفس اللون وهربوا… لون مثل لون الوحل، وكان موحداً. جميعهم كانوا يظهرون بنفس الشكل. وقد انتقلوا من منطقة السجن إلى منطقة مفتوحة. كانوا يحملون حقائب. اعتقدت أنه يمكن أن يكونوا عمالاً تايلانديين. قلت: يجب عليّ التبليغ”.

الوحدة القطرية للتحقيق مع السجانين أخذت إفادات 14 سجاناً، لكن لا أحد منهم تم التحقيق معه تحت التحذير. وتواصل الشرطة التحقيق فيما إذا كان السجناء قد حصلوا على المساعدة من أحد السجانين، رغم أنه لا أدلة على هذه المساعدة في هذه المرحلة. من بين السجانين الذين أعطوا إفاداتهم الحراس الذين كانوا في أبراج المراقبة، السجانون والقادة المسؤولون عن قسم السجناء الذين هربوا، وأعضاء السجن. بعد فحص الإفادات سيتقرر ما إذا كان هناك اتهام للسجانين.

حققت الشرطة والشاباك حتى الآن مع عشرات السجناء والسجناء القدامى. وكلما مر الوقت يتركز أساس التحقيق أكثر على جانب الاستخبارات الذي يقع بالأساس تحت مسؤولية الشاباك. لأن الشاباك “ينقب في كل معلومة صغيرة وتحت كل حجر”. ولكن عدداً من توجهات التحقيق لم تظهر أي نتائج.

أحد المعتقلين في الناعورة بتهمة مساعدة السجناء كان يعمل في أحد الحوانيت في القرية، (18 سنة)، وكان في ذاك الوقت في النوبة الليلية.

“في ليلة الأحد الاثنين عند الرابعة فجراً وقبل الإبلاغ عن هرب السجناء، دخل شخص غريب واشترى الطعام”، قال عامل آخر. “هذا أمر روتيني”. وحسب أقوال سكان في القرية، الصور التي تم جمعها أظهرت أحد السجناء الفارين وهو يطلب استخدام هاتف أحد العمال. وعندما لم يوافق، طلب من آخر لنقله، وأيضاً تم رفض طلبه.

قبل يوم من هرب السجناء، تم نقل الزبيدي بناء على طلبه من غرفة رقم 3 التي كان فيها مع أعضاء “فتح” إلى غرفة 5 التي هرب منها مع السجناء الخمسة الذين ينتمون للجهاد الإسلامي. وحسب أقوال مصدر فلسطيني مقرب من السجناء الفلسطينيين، أشرك الخمسة الزبيدي بخطتهم لأنهم كانوا بحاجة إلى مساعدة أشخاص خارج السجن، الذين كانت له علاقة معهم. ومن غير الواضح كيف لم يثر طلب الزبيدي أي شك لدى مصلحة السجون ولماذا قبلت طلبه. إلى جانب الزبيدي، كان هناك سجين آخر تم نقله إلى الغرفة التي هربوا منها. ورداً على ذلك، جاء من مصلحة السجون بأن “الحديث يدور عن نشاطات يتم القيام بها بين حين وآخر حسب اعتبارات القيادة”.