محطات في حياة الشيخ خليفة بن زايد.. 74 عاما من النماء والعطاء

الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان هو ثاني رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي أُعلن قيامها في الثاني من ديسمبر عام 1971، وهو الحاكم الـ16 لإمارة أبوظبي، كبرى الإمارات السبع المكونة للاتحاد.

تولّى سلطاته الدستورية الاتحادية رئيسا للدولة، وأصبح حاكما لإمارة أبوظبي في الثالث من نوفمبر من عام 2004، خلفاً لوالده «المغفور له بإذن الله» الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي انتقل إلى جوار ربه في الثاني من نوفمبر من عام 2004.

وُلد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في عام 1948 في قلعة المويجعي في مدينة العين. واسمه الكامل هو خليفة بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان بن فلاح بن ياس. وهو النجل الأكبر للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. والدته هي الشيخة حصة بنت محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان.

وكانت قرية المويجعي مركز تفرع آل بو فلاح من قبيلة بني ياس وعائلة آل نهيان الحاكمة.

ينتمي الشيخ خليفة إلى قبيلة بني ياس، التي تعتبر القبيلة الأم لمعظم القبائل العربية التي استقرت في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي عُرفت تاريخياً باسم «حلف بني ياس».

عاش الشيخ خليفة مع عائلته في قلعة المويجعي في مدينة العين. وتلقى تعليمه المدرسي في مدينة العين في المدرسة النهيانية التي أنشأها الشيخ زايد رحمه الله. وقضى معظم طفولته في واحات العين، والبريمي بصحبة والده الذي حكم منطقة العين في ذلك الوقت.

حرص الشيخ زايد على اصطحاب نجله الأكبر في معظم نشاطاته، وزياراته اليومية، في منطقتيّ العين والبريمي. وكان لواحتي العين والبريمي أهمية اقتصادية وإستراتيجية لإمارة أبوظبي كأكبر منتج زراعي، وكمركز إستراتيجي رئيسي لأمن المنطقة.

ظل الشيخ خليفة ملازماً لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في مهمته الصعبة لتحسين حياة القبائل في المنطقة، وإقامة سلطة الدولة، مما كان له الأثر الكبير في تعليمه القيم الأساسية لتحمل المسؤولية والثقة والعدالة.

ولازم الشيخ خليفة المجالس العامة، والتي تعد مدرسة مهمة لتعليم مهارات القيادة السياسية في ذلك الوقت. مما وفّر له فرصة واسعة للاحتكاك بهموم المواطنين، وجعلته قريباً من تطلّعاتهم وآمالهم، كما أكسبته مهارات الإدارة والاتصال. ورأى الشيخ خليفة تفاني والده لتحقيق الرخاء والرفاهية للقبائل، وحرصه على الحفاظ على أمنهم ووحدتهم الوطنية، ومبادراته في رعاية البيئة، والحفاظ على التراث الشعبي. وأصبح مؤمناً أن القائد الحقيقي هو الذي يهتم برفاهية شعبه. كما كان لجلوس الشيخ خليفة بن زايد في مجالس جده من جهة أمه الشيخ محمد بن خليفة والذي عرف وقتها بحكمته، إضافة مهمة لمهاراته القيادية.

تمتع الشيخ خليفة بن زايد برعاية والدته، إضافة إلى رعاية واهتمام خاصين من جدته «الشيخة سلامة» التي كانت تحظى باحترام كبير، لحنكتها وحكمتها.

عندما انتقل المغفور له الشيخ زايد آل نهيان إلى مدينة أبوظبي ليصبح حاكم الإمارة في أغسطس 1966، عين نجله الشيخ خليفة الذي كان عمره 18 عاماً في ذلك الوقت ممثلاً له في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها. واعتبر هذا التفويض دليلا على ثقة المغفور به.

سار الشيخ خليفة على خطى والده، واستمر في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى في المنطقة الشرقية، وخصوصا تلك التي تهدف إلى تحسين الزراعة. كان نجاحه الملحوظ في العين بداية حياة مهنية طويلة في خدمة الشعب، وبداية تولي دوره القيادي بسهولة، ومهارة سجلتها إنجازاته الكبرى.

خلال السنوات التالية، شغل الشيخ خليفة عدداً من المناصب الرئيسية، وأصبح المسؤول التنفيذي الأول لحكومة والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وتولى مهمات الإشراف على تنفيذ جميع المشاريع الكبرى.

في 1 فبراير 1969، تم ترشيح الشيخ خليفة كولي عهد إمارة أبوظبي. وفي اليوم التالي، تولّى مهمات دائرة الدفاع في الإمارة.

أنشأ الشيخ خليفة دائرة الدفاع في أبوظبي، والتي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

في 1 يوليو عام 1971، وكجزء من إعادة هيكلة حكومة أبوظبي، تم تعيينه كحاكم أبوظبي ووزيراً محلياً للدفاع والمالية في الإمارة.

في 23 ديسمبر 1973، تولى الشيخ خليفة منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني.

بعد ذلك بوقت قصير، في 20 يناير 1974، تولّى مهمات رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة.

تمّ انتخاب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004، كذلك تولى مهماته كحاكم لإمارة أبوظبي إثر وفاة والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي انتُخب أول رئيس للبلاد في 2 ديسمبر 1971، وحتى تاريخ وفاته في 2 نوفمبر 2004.

بعد انتخابه رئيساً لدولة الإمارات، أطلق الشيخ خليفة خطته الاستراتيجية الأولى لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، وضمان الرخاء للمواطنين.

وكان من أهدافه الرئيسية كرئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة السير على نهج والده الذي آمن بدور دولة الإمارات الريادي كمنارة تقود شعبها نحو مستقبل مزدهر يسوده الأمن والاستقرار.

أشرف الشيخ خليفة على تطوير قطاعي النفط والغاز، والصناعات التحويلية التي ساهمت بنجاح كبير في التنوع الاقتصادي في البلاد.

كما قام بجولات واسعة في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، لدراسة حاجات الإمارات الشمالية، وأمر ببناء عدد من المشاريع السكنية، والطرق، ومشاريع التعليم، والخدمات الاجتماعية.

إضافة إلى ذلك، أطلق مبادرة لتطوير السلطة التشريعية، من خلال تعديل آلية اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بشكل يجمع بين الانتخاب والتعيين، مما يتيح اختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي عبر انتخابات مباشرة من شعب دولة الإمارات.

وفي عام 2009، أُعيد انتخاب الشيخ خليفة بن زايد رئيساً لدولة الإمارات، وقد تعهد بمواصلة تنفيذ إستراتيجيات طموحة للتنمية السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية التي كان قد بدأ فيها. وكان لقيادته الرشيدة، واهتمامه بمصالح الدولة الاتحادية الفضل في تجاوز الأزمات المالية، والإقليمية.

ويحسب له إسهامه في صياغة عقيدة عسكرية، مستمدة من ثوابت السياسة العُليا للدولة، والقائمة على انتهاج سياسة الاعتدال، وعدم التدخّل في شؤون الآخرين، واحترام المصالح المتبادلة، ففي ضوء هذه الثوابت عمل على صياغة سياسة دفاعية تقوم على صيانة استقلال وسيادة الدولة ومصالحها. وقد أسهمت هذه السياسة في وضع القوات المسلحة الإماراتية في موقع متقدّم، أكسبها احترام العالم.

وبعد توليه مقاليد الرئاسة تم إطلاق أول خطة إستراتيجية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في عهده، كما أطلق مبادرة لتطوير تجربة السلطة التشريعية، لتعديل أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بحيث يتم الجمع بين الانتخاب والتعيين كخطوة أولى، تتيح في نهاية المطاف اختيار أعضاء المجلس عبر انتخابات مباشرة.