يسرائيل هيوم: حان وقت اتخاذ القرار.. الجهد الاستخباراتي والعملياتي لن يعيد جميع المختطفين

يسرائيل هيوم – يؤاف ليمور

حملة العثور على جثث المخطوفين الأربعة الذين أعيدوا لإسرائيل كانت طويلة ومعقدة، وتضمنت تحقيقاً مع “مخربين” معتقلين، ومعلومات استخبارية تراكمت، وحقائق على الأرض جمعها الجيش و”الشاباك”، فأتاحت الوصول إلى نفق أخفيت فيه جثامينهم.

شني لوك، الوحيدة التي دار حولها معلومات مؤكدة بقتلها في 7 أكتوبر. شريط تقشعر له الأبدان تظهر فيه جثتها محمولة على “تندر” في ساحات غزة. أما المخطوفون الثلاثة الآخرون فلم تصل أي معلومات عن حالتهم منذ اختطفوا. لم يرهم أحد على قيد الحياة. كانت التقديرات أنهم قتلوا في ذاك السبت، وحاول معهد التشريح تأكيد هذا الآن.

احتجزت الجثث بشكل مرتب في أكياس. يبدو أن حماس استعدت لمطالبة بتسليمهم كجزء من صفقة. يوجد كهؤلاء عشرات في غزة. العدد الدقيق ليس معروفاً. ذكرت إسرائيل حتى الآن أسماء قرابة أربعين مخطوفاً ممن ليسوا على قيد الحياة، وتحدثت الولايات المتحدة عن أعداد أعلى. (نحو 50 في المئة من عموم المخطوفين).

هذا الجهد الاستخباري – العملياتي، لن يعيد الـ 128 مخطوفاً المتبقين. من يدعي ذلك يوهم الجمهور. فلن يعيد كل الموتى: التقدير أن الكثير من الجثث لن يعثر عليها لأنها ألقيت في أثناء فرار السبت الأسود، أو دفنت تحت ركام المباني. وهو بالتأكيد لن يعيد كل الأحياء: ربما تحدث حملات إنقاذ أخرى، لكنها ستكون حلاً موضعياً لا أكثر. من يبحث عن حلول أوسع لن يتفادى العمل على صفقة تعيد عشرات المخطوفين.

حماس تهرب مخطوفين؟

المعضلة تحتدم الآن حول عملية رفح. عمق الجيش الإسرائيلي سيطرته في الأحياء الشرقية من المدينة، وعاد ليدعو اللاجئين لمغادرتها. وحسب بيان وكالة الغوث أمس، فإن 800 ألف لاجئ خرجوا من رفح حتى الآن. إذا كان هذا المعطى دقيقاً، ربما تبقى نحو 600 ألف لاجئ في المدينة، ومغادرتهم حيوية للسماح بحملة ناجعة تقلص خطر إصابة المدنيين الفلسطينيين.

هذه الحملة ستمس بقسم من قدرات حماس في المدينة الجنوبية، لكنها لن تعفي إسرائيل من مواجهة مسألتين مركزيتين تواجههما الآن: الأولى قضية المخطوفين، الذين ستشكل الحملة خطراً على حياتهم. فقد وجهت حماس رجالها لتصفية المخطوفين في أي حالة إنقاذ وهم على قيد الحياة، وهذه التعليمات سبق أن نفذت في عدة حالات. ربما تحاول المنظمة تهريب مخطوفين شمالاً (ربما إلى خان يونس)، بمعنى أنه حتى بعد انتهاء الحملة في رفح، ستبقى إسرائيل مع تساؤل كيف سنعيد المخطوفين إلى الديار – المشكلة التي تواجهها في مناطق أخرى في القطاع أيضاً.

المسألة الثانية هي مستقبل القطاع ومستقبل إسرائيل أمامه. لضرب رفح أهمية تتجاوز القضاء على لواء حماس الخامس والأخير: فهي استراتيجية من ناحية تهريب السلاح وجباية الضرائب على البضائع في معبر رفح. قد تسيطر إسرائيل على المنطقة، لكنها ستحتاج مصر لتغيير الواقع. أبانت الأسابيع الأخيرة عن قطيعة خطيرة بين “القدس” والقاهرة، من الواجب إنهائها. مصر شريك استراتيجي في الجوانب السياسية للسلام، وأساساً في الجوانب الأمنية. لها مصلحة في القضاء على حماس – الفرع الغزي للإخوان المسلمين، عدو الحكم المصري، وعلى إسرائيل إيجاد سبل دمجها في الجهد لتجريد القطاع من السلاح.

توافقات كهذه مع مصر لن تتحقق دون الاهتمام بهوية الحكم المستقبلي في غزة. إسرائيل تتملص من ذلك، وعملياً تخلف حكم حماس. حسب تقديرات مختلفة، راكمت المنظمة في الأشهر الأخيرة أكثر من نصف مليار دولار من بيع المساعدات الإنسانية الوافدة إلى غزة، ما يتيح لها مواصلة دعم جهازها العسكري والجهاز المدني المؤيد الذي يعتمد عليه الغزيون.

إعادة صياغة الأهداف

إن العمل على حل في غزة سيسمح لإسرائيل بالدفع قدماً بحل للأزمة في الشمال، والتي تتعمق كل يوم. نهاية الأسبوع الأخيرة كانت قاسية رفقة مئات المقذوفات من الصواريخ ومضادات الدروع والمُسيرات إلى الأراضي الإسرائيلية. رغم إحباط قسما كبير من الهجمات، ثمة إصابات في أراضي إسرائيل أوقعت ضرراً واضحاً بالممتلكات.

معظم المواطنين لا يشاهدون ما يحصل، لكن الجليل الأعلى والجليل الغربي باتا مناطق قتال خطيرة، وإذا استندنا إلى أقوال سكان الشمال – مناطق محتلة داخل إسرائيل. هذا إنجاز استراتيجي لحزب الله، لا تستطيع إسرائيل إعطاء جواب له. ولا مواساة حتى لو ادعت إسرائيل إلحاقها أضراراً جسيمة بحزب الله وجنوب لبنان بإخلائه من السكان. فمشاكل لبنان لن تكون فرحة لإسرائيل.

على إسرائيل أن تقرر ما تريده في الساحة الشمالية – حرب أم اتفاق. حالياً، تفضل المعركة في غزة في ظل موافقتها على إخلاء سكان الشمال من بيوتهم ودمار البلدات والقواعد والبنى التحتية. هذا قرار يجب شرحه بشجاعة للجمهور، لكن المطلوب على الأقل إسناده بمساعدات اقتصادية – مدنية مكثفة للبلدات والسكان المتضررين. لسوء الحظ، الحكومة تهرب من هذين الأمرين: فهي لا تتحدث مع السكان ولا تساعدهم. وكل هذا يحصل بينما تغرق إسرائيل في فوضى سياسية، وفي الخلفية قانون التجنيد الفضائحي والتهرب من المسؤولية لمن تركوا إسرائيل تعلق في كارثة 7 أكتوبر ويديرونها ب