| لوحة مكرم عبيد بـ 25 ألف جنيه: تعود للأربعينيات ووجدت وسط الروبابيكيا

استقرت الكثير من الأنتيكات القديمة، التي شهدت فترة زمنية غير التي نحياها حاليًا، في عدد من محال التحف والأنتيكات بشارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي يقع في قلب القاهرة، تحكي لزوارها المصريين والأجانب قصص الفيلات والقصور التي كانت أحد مقتنياتها يومًا ما، كما تروي تاريخًا لم نعرفه سوى من صفحات الكتب ومشاهد الأفلام القديمة.. ومن بين تلك المقتنيات استقرت لوحة مرسومة لـ مكرم باشا عبيد منذ حوالي 77 عامًا.

 البعض لا يُقدِّر قيمة الأنتيكات

في منتصف شارع المعز، جلس رجل ستيني يدعى «نور الدين أنور»، أمام أحد محال بيع الأنتيكات القديمة، الذي يعود تاريخه إلى أربعينيات القرن الماضي، بدأ روايته لـ «» قائلًا: «أولاد وأحفاد البشاوات والبهاوات بييجوا محلات الأنتيكات من وقت للتاني علشان يبيعوا بعض الأنتيكات والمنقولات باعتبارها كراكيب وده شيء يحزن»، حتى أصبح شارع المعز مجمع للتراث الإنساني القديم، حسب وصفه.

الحصول على لوحة مكرم عبيد من أحد الباعة الجائلين

وأضاف البائع الستيني أن من بين الأنتيكات التي وصلت للمحل، لوحة مرسومة بالفحم لـ مكرم باشا عبيد عام 1945، كُتب على يمينها اسم الرسام نصر الدين، الذي كان عاملا بالمطبعة الأميرية، وعلى يسارها خُطت عبارة: «مقدمة من أبنائكم الأوفياء أعضاء الهيئة التنفيذية لمؤتمر عمال الحكومة».

من الطرق التي يحصل عليها أصحاب تلك المحال على التحف والأنتيكات النادرة هو تواصلهم مع حراس القصور القديمة لإبلاغهم فور عرض أصحاب تلك القصور أي من مقتنياتها للبيع، أو من خلال باعة متجولون يحملون تلك الأنتيكات على أنها «روبابيكيا» بعد الحصول عليها بسعر زهيد من المزادات، يلفون بها الشوارع القديمة لعرضها للبيع على أصحاب المحال بأعلى سعر، وهو ما حدث مع لوحة مكرم عبيد التي تُعرض حاليًا للبيع بـ 25 ألف جنيه مصري، وفقًا لحديث البائع نور الدين، الذي يتولى مسؤولية الحفاظ على الأنتيكات وبيعها في غياب صاحب المحل.

دقة رسم لوحة مكرم عبيد

استقرت لوحة مكرم باشا مُعلقة على أحد جدران المحل، بين العديد من الأنتيكات القديمة، مثل الجرامافون، والآلة الكاتبة القديمة، والهون النحاسي، وعملات النكلة والمليم، لتكون الأعلى سعرًا ودقة بينهم: «لما كان مسلسل الفتوة بيتصور في الجمالية من سنتين.. واحد من مصورين المسلسل شاف اللوحة وانبهر بدقتها، وشرح لي الرسمة بالتفصيل.. عرفت أن الخطوط المرسومة حول النيشان الألماظ اللى على البدلة هو انعكاس لبريق النيشان.. حسيت وقتها أن الدقة والعظمة دي مينفعش تتباع بكام ألف جنيه».

وأنهى البائع حديثه، بأن اللوحة معروضة منذ أكثر من 5 أعوام، ولا يُقبل أحد على شرائها، لأن الزائرين لا يعرفون تاريخها، وبالتالي تمر أمام أعينهم مرور الكرام، غير مقدرين لقيمتها التاريخية: «محدش هيشتري لوحة مش عارف قيمتها بالمبلغ ده..وبتمنى تتسلم لبناته وأحفاده لأنهم إللى هيقدروها».

مكرم عبيد باشا (25 أكتوبر 1889 – 5 يونيو 1961) هو سياسي، وأحد مفكري مصر في حقبة الأربعينيات والخمسينيات، شغل منصب وزير المواصلات ثم وزير المالية في مصر في 3 وزارات، ويُعد من أبرز رموز حزب الوفد بعد تأسيسه عام 1918، وهو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، والواضع الأول لكادر العمال في مصر ووضع الحد الأدنى للأجور وتوفير التأمين الاجتماعي لهم.