هواوي تطور نموذج ذكاء اصطناعي يتنبأ بأحوال الطقس أسرع بـ 10 آلاف مرة من النماذج التقليدية

نشرت مجلة (Nature) التي تُعد واحدة من أهم المراجع العلمية على مستوى العالم ورقة بحثية من تأليف باحثين من شركة هواوي حول نموذج الذكاء الاصطناعي المبتكر الخاص بتنبؤات الطقس (بانجو ويذر) Pangu Weather الذي طورته وحدة أعمال “هواوي كلاود” المتخصصة بالحوسبة السحابية. وتناولت الورقة كيفية تطوير هواوي لنظام ذكاء اصطناعي عالمي ودقيق للتنبؤ بالطقس في جميع أنحاء العالم بناءً على قدرات التعلم العميق وتحليل البيانات التي جُمعت على مدار 43 عامًا.

ويتميز النموذج الجديد الذي اعتبرته المجلة ثوريًا بدقة أعلى من أساليب التوقعات التقليدية العددية، ويعمل على تحسين سرعة التنبؤ بنسبة تصل إلى 10 آلاف ضعف، مما يقلص مدة التنبؤ بحالة الطقس العالمي لبضع ثوانٍ فقط.

وتقدم الورقة البحثية المعنونة “تنبؤات جوية عالمية متوسطة المدى ودقيقة باستخدام شبكات عصبونية ثلاثية الأبعاد“، طيفًا واسعًا من التجارب المستقلة التي تثبت كفاءة النموذج الجديد، حيث يتحدى نموذج “بانجو ويذر” من هواوي الافتراضات السابقة التي تزعم بأن تنبؤات الذكاء الاصطناعي للطقس أقل دقة من التنبؤات التقليدية العددية.

وتعتبر هذه المرة الأولى التي يقوم فيها باحثون في شركة تكنولوجيا صينية بالتأليف الحصري لورقة بحثية في مجلة “Nature” وفقاً لأرشيف المجلة.

وأدى التطور السريع لقدرات الحاسوب على مدار الثلاثين عامًا الماضية إلى تحسن ملحوظ في دقة نظام التنبؤ التقليدي العددي للطقس، مما ساهم في تجنب العديد من مخاطر الكوارث الكبرى وتوفير توقعات حول التغيرات المناخية. إلا أن عملية التنبؤ لم تصل لمستوى السرعة المطلوبة.

موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:

لذلك سعى الباحثون للوصول إلى كيفية استخدام طرق التعلم العميق للوصول للدقة المطلوبة للتنبؤ بالطقس، لكن الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتوقعات المتوسطة والطويلة الأجل بقيت أقل من دقة التنبؤات العددية.

ولم يتمكن الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بالأحوال الجوية الشديدة وغير العادية مثل الأعاصير، إذ إن نماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤات الجوية كانت تفتقر في بعض الأحيان للدقة والسرعة، على الرغم من بعض النتائج الإيجابية، ويعزى ذلك لسببين، الأول: اعتماد نماذج ذكاء الاصطناعي للتنبؤ الجوي على شبكات عصبونية ثنائية الأبعاد، لذا لا تستطيع معالجة البيانات الجوية الثلاثية الأبعاد المتباينة. والثاني: تعرض توقع الطقس على المدى المتوسط لأخطاء تراكمية عند استخدام النموذج عدة مرات.

ويقدر عدد الأعاصير التي تحصل سنويًا حول العالم بنحو 80 إعصارًا تتسبب أغلبها بخسائر مادية فادحة، وعلى مستوى الصين فقط، نجم عن الأعاصير في عام 2022 خسائر اقتصادية مباشرة بقيمة 5.42 مليار يوان بحسب بيانات وزارة الطوارئ الصينية. وكلما أُرسلت تحذيرات في وقت أبكر، كلما زادت سهولة وفعالية اتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة وتقليص حجم الخسائر.

وفي مايو 2023، جذب إعصار “ماوار” انتباه العالم بأسره وحصد لقب أقوى إعصار استوائي في العام حتى الآن. ووفقًا لإدارة الأرصاد الجوية في الصين، قام نموذج “بانجو ويذر” بالتنبؤ بمسار إعصار ماوار بدقة قبل خمسة أيام من تغيير مساره في المياه الشرقية لجزر تايوان.

كيف تعامل نموذج هواوي (بانجو ويذر) مع هذه التحديات؟

برزت دقة نموذج (بانجو ويذر) في التجارب العلمية كبديل ثوري لطرق التوقع العددية التقليدية التي تحتاج لوقت يترواح بين ساعة واحدة و 7 أيام. ومع زيادة سرعة تنبؤه بمقدار 10 آلاف مرة، بات بإمكانه تنبؤ أدق تفاصيل الحالة الجوية كالرطوبة وسرعة الرياح ودرجة الحرارة وضغط مستوى سطح البحر خلال بضع ثوان.

ويستخدم النموذج الجديد محولًا خاصًا بالأرض ببنية ثلاثية الأبعاد لمعالجة البيانات الجوية الثلاثية الأبعاد غير المنتظمة والمعقدة. وقد دُرب باستخدام إستراتيجية تجميع هرمية زمنية على فترات تنبؤ مختلفة عبر فواصل زمنية قدرها ساعة واحدة و3 ساعات و6 ساعات و24 ساعة، ما نتج عنه تقليص حجم التكرار في التنبؤ بالحالة الجوية في وقت معين، بالإضافة إلى تقليل التوقعات الخاطئة.

ودرب الباحثون النموذج على فترات زمنية معينة، عبر 100 دورة باستخدام عينات ساعية من البيانات الجوية للفترة الممتدة من 1979 إلى 2021. وبات بإمكان النموذج الجديد توفير تنبؤات الطقس العالمية لمدة 24 ساعة في 1.4 ثانية فقط باستخدام بطاقة رسومات V100، مما يمثل تحسنًا بمقدار 10,000 مرة مقارنة بالتوقعات العددية التقليدية.

وفيما يخص أهمية البحث وجودته الذي أجراه فريق “هواوي كلاود”، سلط المراجعون الأكاديميون في مجلة “Nature” الضوء على سهولة تنزيل نموذج “بانجو ويذر” وسرعة تشغيله حتى على الحاسوب المكتبي، ما يعني أنه يمكن الآن لأي فرد من مجتمع الأرصاد الجوية استخدام هذا النموذج واختباره بقدر ما يرغب. وهي فرصة رائعة للمجتمع العلمي للاطلاع على درجة الجودة التي تتمتع بها تنبؤات النموذج لظواهر طبيعية محددة.

وسيساعد ذلك في تعزيز التطور والتقدم في مجال الأرصاد الجوية ويشير المراجعون إلى أن النتائج التي تم الوصول إليها تمثل نقلة نوعية هامة ومبتكرة تتفوق بالتأكيد على النتائج السابقة، وسيؤدي النموذج الجديد لإعادة تقييم شكل نماذج التنبؤات في المستقبل.

ويوضح الدكتور تيان تشي، رئيس علماء الذكاء الاصطناعي في فريق “هواوي كلاود”، وعضو معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات الأمريكي IEEE والأكاديمية الدولية اليورو آسيوية للعلوم سبب اختيار فريق البحث للذكاء الاصطناعي التركيز على مجال التنبؤات الجوية، بقوله: “تعد توقعات الطقس واحدة من أهم السيناريوهات في مجال الحوسبة العلمية باعتبار أن التنبؤ الجوي نظام معقد للغاية، ومع ذلك، يصعب الإلمام بجميع جوانب المعرفة الرياضية والفيزيائية المتعلقة به. ولهذا نحن مسرورون جدًا بالاعتراف الذي حصلت عليه أبحاثنا من مجلة (Nature)”.

وأضاف: “تمتلك حاليًا نماذج الذكاء الاصطناعي القدرة على استخراج القوانين الإحصائية لتغير الغلاف الجوي من خلال تحليل البيانات الضخمة، ويقوم نموذج (بانجو ويذر) الجديد بإتمام عملية نظام التوقعات بشكل أساسي، وتركز قدرته الرئيسية على التنبؤ بتغير حالة الغلاف الجوي. ويتمثل هدفنا النهائي في بناء جيل أكثر تطورًا في مجال التنبؤ بالطقس عن طريق تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تعزيز أنظمة التوقعات الحالية والمساهمة بتفادي الكوارث والخسائر”.

https://www.youtube.com/watch?v=videoseries