نضال خضرة.. صوت فتحاوي يجمع ولا يُفرق ..د. أحمد يوسف

عندما وقعت الأحداث المأساوية في عام 2007، وصار هناك سيف ودم، وعداء وكراهية وتباعدت المسافات بين فتح وحماس، والتزمت النخبة الصمت طلباً للسلامة وتجنب الاستهداف.

نعم؛ كانت هناك قلة من الشخصيات الوطنية تحاول رأب الصدع وجمع الصف وتجاوز عوارض ما وقع من تداعيات كارثية على مشروعنا الوطني.

في الحقيقة، لم تكن البدايات سهلة، فالشكوك سيدة الموقف، والمكرمن كلِّ طرف لا يؤمن جانبه.

في عام 2010، دعاني الأخ نضال خضرة إلى إفطار رمضاني على شاطئ بحر غزة مع عدد من كوادر حركة فتح، وقال: دعناً نبدأ تخفيف الاحتقان وإصلاح ما تصدع من بيتنا الفلسطيني. كان قد سبق هذه الدعوة اجتماع عارض أو اجتماعان، تجاذبنا فيهما أطراف الحديث حول المصالحة وضرورات التحرك لإنهاء الانقسام، كون الظروف قد نضجت وأصبحت مواتية للجلوس ووضع النقاط على الحروف.

كنت قد سبق لي أن طرحت في أكثر من كتاب والعديد من المقابلات جملة من المبادرات لتحقيق المصالحة، وإنهاء الانقسام، وأن ما وقع كان فتنة يتوجب تجاوزها؛ فالكل مع الانقسام خاسر، والمستفيد الوحيد من هذه الحالة التشظي القائمة في الضفة الغربية وقطاع غزة هو الاحتلال.

اغتنم نضال الفرصة وقوة الحرقة في الخطاب، فتقدم بتلك الدعوة إلى الحوار.. عرضت فكرتي في تلك الليلة الرمضانية لموضوع المصالحة،وما يمكننا عمله معاً لتمهيد الطريق للقاءات أوسع، وهذا ما حدث فعلاً، إذ تعددت تلك اللقاءات الرمضانية (دبلوماسية الموائد) عاماً بعد عام، وشاركت فيها شخصيات قيادية إعلامية وسياسية من حماس، وكذلك من تيار فتح الإصلاحي.

لا شك أن تلك اللقاءات رغم محدودية الشخصيات المشاركة فيها، والتي كانت تتم بعيداً عن وسائل الإعلام، قد فتحت الباب بقوة للقاءات أكثر تنظيماً وذات طابع رسمي، وكانت – وهذه حقيقة – وراء تحسن علاقة حركة حماس مع مصر، وقيام المزيد من التعاون والتنسيق لخدمة المحتاجين وطلاب الجامعات من خلال جمعية التكافلالاجتماعي، ثم كانت الإنفراجة ليصبح التيار الإصلاحي جزءاً من مشروع الشراكة الوطنية في أي حراكٍ أو تسوية سياسية قادمة.

لأخي نضال.. قد يكون ما تحركت به أنت وآخرون قبل أكثر من اثنيعشر عاماً قد آتى بعضاً من أُكله، ولك أنت ومن شاركك الرأي فضل المبادرة، وتستحق – بجدارة- الشكر والتقدير، فهذه همتك التي عرفتها طوال كلِّ تلك السنين.

نعم؛ كانت البدايات المتواضعة في مطعم لاروزا، ثم لاتانيا، وأووقانو، ثم أخذن طريقها إلى لبته الخاص، الأمر الذي مهَّد الطريق إلى انتقلاها مع توافقاتها الوطنية إلى ساحات أوسع من الحوار بين قيادات حماس والتيار في الخارج، ثم المؤتمر الشبابي الذي عقده معهد بيت الحكمة، وكان منبراً للتلاقي وتبادل الرأي والمشورة، حول كل ما مطلوب لإصلاح ذات البين في مشهد الحكم والسياسة.

لقد كانت فسيلة غرسناها في ظل ظروف مضطربة، ولكنها أثمرت بعد ذلك الكثير من الخير والتوافق الوطني.

وإنصافاً لذكر من شاركونا ذلك الحماس المبكر لمثل تلك اللقاءات،أخص بالذكر الإخوة: د. حسام الدجني، والدكتور غازي حمد والنائب يحي موسى والقيادي في التيار سمير المشهراوي، والدكتور سفيان أبو زايدة.