فايننشال تايمز: ماذا تعني دعوى جنوب أفريقيا ضد “إسرائيل” للعدالة في العالم

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً أعدّه جيمس شوتر تساءل فيه عن أهمية الدعوة التي قدّمتها جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل. وقال إن محكمة العدل الدولية استمعت لجدال قانوني في قضايا مهمة، ولكن القضية التي قدّمتها جنوب أفريقيا كانت الأكثر أهمية لأنها اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

وقرار بشأن الدعوى، التي تنكر إسرائيل مزاعمها، لن يصدر إلا بعد سنين. إلا أن المحكمة بقضاتها الـ 17 ستقرّر، في الأيام المقبلة، فيما إذا كانت ستقبل بالمطلب الجنوب أفريقي، والذي يشمل على تدابير تعني الحدّ من الهجوم الإسرائيلي ضد غزة.

 وحتى قبل أن يصدر القضاة قرارهم، فإن دولة، يقول الكاتب إنها ديمقراطية، ويدعمها الغرب، تتعرّض لاتهام أمام أعلى محكمة دولية  للجرائم أدى لاهتمام عالمي.

وبالنسبة لإسرائيل وحلفائها، فالدعوى لا أساس لها، وتثير السخط.

وبالنسبة للفلسطينيين وداعميهم، وخاصة في عالم الجنوب، فالحالة هي بمثابة امتحان للنظام الدولي، الذي يرون أنه ظلّ دائماً يعمل ضدهم.

وتقول داليا شيندلين، المتخصصة في استطلاعات الرأي بتل أبيب، إن “قلّة من النزاعات حول العالم أحدثت هزات مثل هذا. وفي كل أنحاء العالم، لدى الناس مواقف منها”، ولهذا “أتخيل أن يشعل أي قرار من المحكمة الطرفين، بطريقة أو بأخرى”.

وفي إسرائيل، التي يقول الكاتب إنها تعرّضت لهجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإن قرار جنوب أفريقيا تقديمها للمحكمة غير مفهوم ومثير للغضب، وخاصة أن قانون الإبادة الجماعية 1948، الذي أقامت عليه جنوب أفريقيا دعواها، ظهر بعد جرائم النازية ضد اليهود في أثناء الحرب العالمية الثانية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن جماعة إرهابية ارتكبت أسوأ جريمة ضد الشعب اليهودي، ومنذ الهولوكوست، ويقوم طرف بالدفاع عنها، وباسم الهولوكوست؟ ما هذه المرارة الوقحة”. ووصف دعوى جنوب أفريقيا بأنها “صيحة نفاق تصل السماوات”.

ولكن الفلسطينيين، يرون الحالة بطريقة مختلفة: أمل بأن يقوم المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل، ووقف هجومها المدمر على إسرائيل والذي قتل حتى الآن أكثر من 25,000 فلسطيني، وشرّد أكثر من مليون من 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة. وكذلك فرصة لتحميل إسرائيل المسؤولية عما قامت به من قمع واضطهاد للفلسطينيين خلال الـ 75 عاماً الماضية. ويقول السفير الفلسطيني لدى بريطانيا، حسام زملط: “هذا أول جهد دولي جاد لإنهاء الوضع المريع، والمطالبة بالمحاسبة، بعد 75 عاماً من الحرمان للحقوق الأساسية المساوية لكل الناس”. وقال: “هذه لحظة مهمة، ولو التزمت منظمة العدل الدولية لتفويضها القانوني ونجحت في حكمها، فستنجح بنفسها وللنظام الدولي القائم على القانون. ولو فشلت، ستكون أفشلت نفسها، والتفويض الذي تملكه، وكل النظام الدولي القائم على القانون”.

ولكي تتخذ قراراً، على قضاة المحكمة القرار فيما إن كانت تصرفات إسرائيل يغطيها ميثاق قانون الإبادة، وإن كانت التدابير العاجلة ضرورية لحماية حقوق المواطنين الفلسطينيين في غزة، وهو عتبة أقل من تلك المطلوبة لدعم القضية المقدمة من جنوب أفريقيا.

 ولو قررت المحكمة أن الطلب الجنوب أفريقي متوافق مع معطيات ميثاق الإبادة، فقد تقرّر الموافقة على كل المطالب، من وقف إطلاق النار، إلى منعها من التحريض على ارتكاب الإبادة أو فعل تختاره إسرائيل. وسيترك القرار أثره بوضوح على حرب غزة.

 ويشك المحللون القانونيون بقرار من المحكمة ملزم لإسرائيل، فهم يقولون إن “حماس” ليست مغطاة بالقضية، ولا تزال تحتفظ بـ 130 رهينة. وربما كانت النتيجة، هي حلّ وسط من ناحية زيادة المساعدات الإنسانية، وفتح المجال أمام تحقيقات مستقلة.

ويقول المحللون إنه في حالة قررت إسرائيل تجاهل قرار المحكمة، فإن أي قرار شاجب سيؤثر على طريقة تعامل الدول مع إسرائيل، مثل عدم بيع السلاح لها، أو الاستعداد لفرض عقوبات عليها.

ويرى آخرون أن القرار سيترك أثره على دعاوى أخرى مقدمة للمحكمة الجنائية التي تتعامل مع حالات ضد أفراد وليس دولاً. وتقول شيلا بيلان، الخبيرة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان: “ميثاق الإبادة الجماعية هو ميثاق القمة، فهو جريمة الجرائم”، و”لهذا فهذه لحظة متفجرة”، إلا أن هناك الكثير على المحك، فهناك الكثير من الدعاوى التي تعرّضت للشلل بسبب مجلس الأمن الدولي. ولدى الدول استعداد للجوء إلى المحكمة ضد الدول الأخرى، وهي تحمل فرصاً ومخاطر لمحكمة العدل الدولية، وربما قوّت منها ومن تأثيرها في النهاية، لكن هناك أيضاً مخاطر من جرّها إلى حالات تعرّضها للاتهام والتسييس.